لبعض الموجودات، وانطباع أقل قليل قوانين الكون وأسرار الكائنات في ذهنه، كيف يمكن أن يرى خالق الذهن والفكر والمقنن للقوانين الحاكمة على الكون والمبدع لأسرار الخلقة، فاقدا للعلم والحكمة؟!
هذا، مع أن جميع ما توصلت إليه أذهان العلماء من أسرار الكون وقوانينه، ما هو إلا كقطرة من معلومات أمام بحر من المجهولات؟! {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} (1).
كيف يتقبل العقل أن الانسان الذي يستطيع أن ينسخ على لوحة ذهنه بعض سطور من كتاب الوجود، عالم وحكيم، بينما مؤلف كتاب الوجود وصانع ناسخه وجهاز الاستنساخ وما ينسخ، لا إدراك له ولا شعور؟!
كلا، ولهذا ترى أن فطرة منكر الخالق العالم القادر أيضا تشهد بوجوده {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون} (2)، {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم} (3).
دخل رجل من الزنادقة على علي بن موسى الرضا (عليه السلام) وعنده جماعة، فقال له أبو الحسن (عليه السلام):
" أيها الرجل أرأيت إن كان القول قولكم - وليس هو كما تقولون - ألسنا وإياكم شرعا سواء، ولا يضرنا ما صلينا وصمنا وزكينا وأقررنا؟ فسكت.
فقال أبو الحسن (عليه السلام): وإن يكن القول قولنا - وهو كما نقول - ألستم قد هلكتم ونجونا؟