مؤمنا ومن جحده كان كافرا، ثم كان من بعده الحسن (عليه السلام)، قلت: كيف يكون بتلك المنزلة وقد كان منه ما كان دفعها إلى معاوية؟ فقال: اسكت، فإنه أعلم بما صنع، لولا ما صنع لكان أمر عظيم (1).
وما أضمره معاوية واضح لمن كان من أهل المعرفة بالتاريخ، ومع ذلك قد بينه (عليه السلام) كما في رواية الجهني عنه (عليه السلام): والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوني إليه سلما، فوالله لئن أسالمه وأنا عزيز، خير من أن يقتلني وأنا أسيره، أو يمن علي فتكون صبة على بني هاشم إلى آخر الدهر، ومعاوية لا يزال يمن بها وعقبه على الحي منا والميت (2).
هذا بعض ما ظهر من حكمة قعوده عن قتال معاوية، وما خفي أكثر.
وعن أبي سعيد قال: قلت للحسن بن علي بن أبي طالب: يا بن رسول الله لم داهنت معاوية وصالحته، وقد علمت أن الحق لك دونه، وأن معاوية ضال باغ؟
فقال: يا أبا سعيد ألست حجة الله تعالى ذكره على خلقه، وإماما عليهم بعد أبي؟ قلت: بلى. قال:
ألست الذي قال رسول الله لي ولأخي: الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا؟ قلت: بلى، قال:
فأنا إذن إمام لو قمت، وأنا إمام إذا قعدت، يا أبا سعيد علة مصالحتي لمعاوية علة مصالحة رسول الله لبني ضمرة وبني أشجع، ولأهل مكة حين انصرف من الحديبية، أولئك كفار بالتنزيل، ومعاوية وأصحابه كفار بالتأويل، يا أبا سعيد إذا كنت إماما من قبل الله تعالى ذكره لم يجب أن يسفه رأيي فيما أتيت من مهادنة أو محاربة، وإن كان وجه الحكمة فيما أتيته ملتبسا، ألا ترى الخضر (عليه السلام) لما خرق السفينة، وقتل الغلام، وأقام الجدار سخط موسى فعله لاشتباه وجه الحكمة عليه، حتى أخبره، فرضي، هكذا أنا، سخطتم علي بجهلكم بوجه الحكمة فيه، ولولا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه