ابتلوا بها، قال سبحانه: {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا} (1)، {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما} (2).
وإن إمامة أئمة هذه الأمة بمقتضى خلافتهم لمقام الرسالة الخاتمة أرفع درجات الإمامة، فلا محالة تقتضي الإشتراط بأعلى مراتب الصبر على البلاء والزهد في زخارف الدنيا (اللهم لك الحمد على ما جرى به قضاؤك في أوليائك الذين استخلصتهم لنفسك ودينك، إذ اخترت لهم جزيل ما عندك من النعيم المقيم الذي لا زوال له ولا اضمحلال بعد أن شرطت عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا الدنية) (3).
ويظهر ذلك لمن تأمل في حياة الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وابتلائهم بطواغيت الزمان، والمصائب التي جرت عليهم وعلى أولادهم ومن اختص بهم.
وقد ابتلى السبط الأكبر بمصيبة تظهر عظمتها من مقايسة أصحابه بأصحاب أخيه الحسين (عليه السلام)، لما قام الحسين خطيبا في أصحابه، وقال: فإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما، قال زهير بن القين: ولو كانت الدنيا لنا باقية وكنا فيه مخلدين لآثرنا النهوض معك على الإقامة فيها.
وقال هلال بن نافع البجلي: والله ما كرهنا لقاء ربنا، وإنا على نياتنا وبصائرنا، نوالي من والاك ونعادي من عاداك.
وقال برير بن خضير: والله يا ابن رسول الله لقد من الله بك علينا أن نقاتل بين يديك فتقطع فيك أعضاؤنا ثم يكون جدك شفيعنا يوم القيامة (4).