شهادته (عليه السلام) استشهد (عليه السلام) - بعدما جاهد في الله حق جهاده، ومضت أيام حياته في طاعة الله وعبادته - بالسم الذي دس معاوية إلى جعدة بنت الأشعث بن قيس.
وعندما كان يجود بنفسه، قال له جنادة بن أبي أمية: يا مولاي ما لك لا تعالج نفسك؟ فقال: يا عبد الله بماذا أعالج الموت؟ قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون.
ثم التفت إلي وقال: والله إنه لعهد عهده إلينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، أن هذا الأمر يملكه اثنا عشر إماما من ولد علي (عليه السلام) وفاطمة (عليها السلام)، ما منا إلا مسموم أو مقتول...
فقلت: عظني يا بن رسول الله. قال: نعم، استعد لسفرك، وحصل زادك قبل حلول أجلك، واعلم أنه تطلب الدنيا والموت يطلبك، ولا تحمل هم يومك الذي لم يأت على يومك الذي أنت فيه، واعلم أنك لا تكسب من المال شيئا فوق قوتك إلا كنت فيه خازنا لغيرك، واعلم أن في حلالها حسابا، وفي حرامها عقابا، وفي الشبهات عتاب [عتابا]، فأنزل الدنيا بمنزلة الميتة، خذ منها ما يكفيك، فإن كان ذلك حلالا كنت قد زهدت فيها، وإن كان حراما لم يكن فيه وزر، فأخذت كما أخذت من الميتة، وإن كان العتاب فإن العتاب يسير.
واعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا، وإذا أردت عزا بلا عشيرة، وهيبة بلا سلطان فاخرج من ذل معصية الله إلى عز طاعة الله عز وجل، وإذا نازعتك إلى صحبة الرجال حاجة فاصحب من إذا صحبته زانك، وإذا خدمته صانك، وإذا أردت منه معونة أعانك، وإن قلت صدق قولك، وإن صلت شد صولك، وإن مددت يدك بفضل مدها، وإن بدت منك ثلمة سدها وإن رأى منك حسنة عدها، وإن سألته أعطاك، وإن سكت عنه ابتدأك، وإن نزلت بك أحد [احدى] الملمات أسألك [ساءك] من لا يأتيك منه البوائق ولا يختلف عليك منه الطوالق [الطرائق]، ولا يخذلك عند الحقائق، وإن تنازعتما منفسا [منقسما] آثرك.