أمير المؤمنين، وإن أخطأت فمن نفسي، فأرجو أن لا أخطئ إن شاء الله: يعمد إلى المرأة، فيؤخذ منها مهر الجارية البكر في أول وهلة، لأن الولد لا يخرج منها حتى يشق فيذهب عذرتها، ثم ترجم المرأة لأنها محصنة، وينظر بالجارية حتى تضع ما في بطنها ويرد إلى أبيه صاحب النطفة، ثم تجلد الجارية الحد، قال: فانصرف القوم من عند الحسن فلقوا أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: ما قلتم لأبي محمد، وما قال لكم، فأخبروه، فقال: لو أنني المسؤول ما كان عندي فيها أكثر مما قال ابني (1).
ولما أحاط أصحاب الجمل براية الطغيان على خليفة الرحمن، وعجز عن مقابلتهم الفرسان، دعا أمير المؤمنين (عليه السلام) محمد بن الحنفية فأعطاه رمحه وقال له:
اقصد بهذا الرمح قصد الجمل، فذهب فمنعوه بنو ضبة فلما رجع إلى والده انتزع الحسن رمحه من يده، وقصد قصد الجمل، وطعنه برمحه ورجع إلى والده، وعلى الرمح أثر الدم، فتمغر وجه محمد من ذلك، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا تأنف فإنه ابن النبي وأنت ابن علي (2).
وقد شيبت هذه الشجاعة في نفسه القدسية بالحلم، ذلك الحلم الذي روى فيه المبرد وابن عائشة أن شاميا رآه راكبا فجعل يلعنه والحسن لا يرد، فلما فرغ أقبل الحسن (عليه السلام) فسلم عليه وضحك، فقال: أيها الشيخ أظنك غريبا ولعلك شبهت، فلو استعتبتنا أعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا أحملناك، وإن كنت جائعا أشبعناك، وإن كنت عريانا كسوناك، وإن كنت محتاجا أغنيناك، وإن كنت طريدا آويناك، وإن كان لك حاجة قضيناها لك، فلو حركت رحلك إلينا وكنت ضيفا إلى وقت ارتحالك كان أعود عليك، لأن لنا موضعا وجاها عريضا ومالا كثيرا.
فلما سمع الرجل كلامه بكى، ثم قال: أشهد أنك خليفة الله في أرضه، الله أعلم