وفي قوله (عليه السلام) في ختامها: " اعلم خلقه به الذي بالحد لا يصفه " إبطال التفكر في ذاته وصفاته، وأن كل وصف إلا ما وصف الله به نفسه ينتهي إلى التحديد، وهو التثنية التي تبطل بواحديته بغير تشبيه، {سبحانه وتعالى عما يصفون} (1) ففي كل جملة منها مجمل من مفصل، لا يصل إليه إلا الراسخون في الحكمة الإلهية.
وقد سأل أعرابي أبا بكر، فقال: إني أصبت بيض نعام فشويته وأكلته وأنا محرم، فما يجب علي؟ فقال له: يا أعرابي أشكلت علي في قضيتك، فدله على عمر، فدله عمر على عبد الرحمن، فلما عجزوا قالوا: عليك بالأصلع، فقال أمير المؤمنين: سل أي الغلامين شئت. فقال الحسن: يا أعرابي ألك إبل؟ قال: نعم، قال:
فاعمد إلى عدد ما أكلت من البيض نوقا فاضربهن بالفحول، فما فضل منها فاهده إلى بيت الله العتيق الذي حججت إليه، فقال أمير المؤمنين: إن من النوق السلوب ومنها ما يزلق، فقال: إن يكن من النوق السلوب وما يزلق، فإن من البيض ما يمرق، قال: فسمع صوت: معاشر الناس، إن الذي فهم هذا الغلام هو الذي فهمها سليمان بن داود (2).
وفي الموثق عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر وأبا عبد الله يقولان: بينا الحسن بن علي (عليه السلام) في مجلس أمير المؤمنين صلوات الله عليه إذ أقبل قوم، فقالوا: يا أبا محمد أردنا أمير المؤمنين. قال: وما حاجتكم؟ قالوا: أردنا أن نسأله عن مسألة، قال: وما هي تخبرونا بها، فقالوا: امرأة جامعها زوجها، فلما قام عنها، قامت بحموتها، فوقعت على جارية بكر فساحقتها، فألقت النطفة فيها، فحملت، فما تقول في هذا؟ فقال الحسن: معضلة وأبو الحسن لها، وأقول: فإن أصبت فمن الله، ثم من