* هذا ما ظهر ارتجالا من علمها وحكمتها وفصاحتها وبلاغتها في مجلس واحد، مع المصائب التي صبت عليها، من فقد أبيها، وتظاهر الزمان عليها، فهي المشكاة التي {فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب درى يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور} (1)، فهي مع اتصالها بنور السماوات والأرض باستغراقها في معرفة الله وعبادته، وانقطاعها بزهدها عن الدنيا وما فيها، لا تحتاج إلى اقتباس العلم بالتعلم.
* وفي الصحيح عن أبي عبيدة قال: " سأل أبا عبد الله بعض أصحابنا عن الجفر، فقال: هو جلد ثور مملوء علما، قال له: ما الجامعة؟ قال: تلك صحيفة طولها سبعون ذراعا في عرض الأديم، مثل فخذ الفالج، فيها كل ما يحتاج الناس إليه، وليس من قضية إلا وهي فيها حتى أرش الخدش.
قال: فمصحف فاطمة (عليها السلام)؟ قال: فسكت طويلا، ثم قال: إنكم لتبحثون عما تريدون وعما لا تريدون، إن فاطمة مكثت بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خمسة وسبعين يوما، وقد كان دخلها حزن شديد على أبيها، وكان جبرئيل يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها، ويطيب نفسها، ويخبرها عن أبيها ومكانه، ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها، وكان علي (عليه السلام) يكتب ذلك، فهذا مصحف فاطمة (عليها السلام) " (2).