بالقسط بما أنزل إليه من الكتاب والميزان {قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم} (1)، {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط} (2).
الثالث: خليفة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لابد أن يكون هو المثل الأعلى لشخصيته علما وخلقا وعملا، لكي يسد خلأ وجوده في تعليم الانسان وتربيته، وتلاوة آيات الله عليه، وإرشاد الناس إلى تنزيلها وتأويلها، وظاهرها وباطنها، ومحكمها ومتشابهها، وعامها وخاصها، وناسخها ومنسوخها، وبيان أسرارها المكنونة، وجواهرها المخزونة في الحروف المقطعة في أوائل سورها.
وبكلمة واحدة لابد أن يكون عنده علم الكتاب، الذي فيه تفصيل كل شئ {ما فرطنا في الكتاب من شئ} (3)، وأن يتكفل تزكية الناس من الوساوس الشيطانية والأهواء النفسانية والرذائل الخلقية والعملية، حتى تستعد عقولهم بالتصفية من تلك الكدورات لإشراق أنوار الكتاب الذي لا يناله إلا المطهرون، وتصير نفوسهم خزائن لجواهر الحكمة التي يؤتيها الله من يشاء.
فإذا كان الخليفة قائما مقام الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما ينتظر منه ويترقب من وجوده لتعليم الأمة وتربيتها، فقد تحقق الغرض من خاتمية الرسالة وأبدية الشريعة، وتحققت الغاية من البعثة {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة} (4).