فطرحوا عليه رحم شاة، فأتته ابنته وهو ساجد لم يرفع رأسه، فرفعته عنه ومسحته! (1).
وبعد وفاة عمه وناصره أبي طالب، اشتد البلاء وزاد أذى قريش له، ففي تلك الظروف الخطيرة قصد النبي قبيلة ثقيف بالطائف وعرض عليهم أن يحموه حتى يبلغ رسالة ربه، ولكنهم أبوا ذلك، وتهزؤوا به، ووجهوا عليه سفهاءهم وغلمانهم، فقعدوا له صفين على طريقه، فلما مر رسول الله بين صفيهم جعلوا لا يرفع رجليه ولا يضعهما إلا رضخوهما بالحجارة، حتى أدموا رجليه، فخلص منهم وهما يسيلان دما، فعمد فجاء إلى حائط من حيطانهم، فاستظل في ظل نخلة منه وهو مكروب موجع تسيل رجلاه دما، فإذا في الحائط عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة، فلما رآهما كره مكانهما لما يعلم من عداوتهما لله ورسوله، فلما رأياه أرسلا إليه غلاما لهما يدعى عداس معه عنب وهو نصراني من أهل نينوى، فلما جاءه قال له رسول الله: من أي أرض أنت؟ قال: من أهل نينوى. قال: من مدينة العبد الصالح يونس بن متى؟ فقال له عداس: وما يدريك من يونس بن متى؟ فقال: أنا رسول الله، والله تعالى أخبرني خبر يونس بن متى، فلما أخبره بما أوحى الله إليه من شأن يونس خر عداس ساجدا لله، ومعظما لرسول الله، وجعل يقبل قدميه وهما تسيلان بالدماء (2).
وقد آذوا أصحابه بأنواع الأذى، فمنها أنهم كانوا يطرحون بلالا تحت حرارة الشمس، ويضعون على صدره حجرا ثقيلا ويطلبون منه أن يكفر، فكان يردد:
أحد أحد! (3).