فقال لها الناس: فعل الله بك وفعل، حبست رسول الله ثلاث مرات، لا تقولين له شيئا ولا هو يقول لك شيئا! ما كانت حاجتك إليه؟!
قالت: إن لنا مريضا فأرسلني أهلي لآخذ هدبة من ثوبه، ليستشفي بها، فلما أردت أخذها رآني فقام فاستحييت منه أن آخذها وهو يراني، وأكره أن أستأمره في أخذها، فأخذتها (1).
وهذه الحادثة تدل على اهتمامه (صلى الله عليه وآله وسلم) بكرامة الانسان لأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) تفطن إلى حاجة الجارية وكراهيتها للسؤال، وقام من مكانه أربع مرات من أجل قضاء حاجتها، ولم يستنطقها لئلا تقع الجارية في ذل السؤال، فالذي يحافظ على حرمة جارية وكرامتها، بهذه الدقة والأدب، إلى أي حد تكون قيمة الانسان وكرامته في نظره؟!
وفي الوقت الذي كان اليهود يعيشون في دولته على العهد والذمة، وكان هو في أعلى درجات القدرة، كان لأحدهم على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دنانير فتقاضاه، فقال له:
يا يهودي ما عندي ما أعطيك. فقال: فإني لا أفارقك يا محمد حتى تقضيني! فقال:
إذا أجلس معك، فجلس معه حتى صلى في ذلك الموضع الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والغداة!
وكان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يتهددونه ويتواعدونه، فنظر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إليهم فقال: ما الذي تصنعون به؟ فقالوا: يا رسول الله يهودي يحبسك؟ فقال: لم يبعثني ربي عز وجل بأن أظلم معاهدا، ولا غيره.
فلما علا النهار قال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده