وكان المستعير يعلم بأنها مغصوبة وليست مملوكة للمعير لم يجز له أخذ العين ولا الانتفاع بشئ من منافعها، فإذا هو تسلط على العين ووضع يده عليها كان غاصبا آثما وضامنا للعين ولمنافعها.
ويجوز للمالك الحقيقي للعين أن يستردها إذا كانت موجودة، وأن يأخذ بدلها إذا كانت تالفة، فيأخذ مثلها إذا كانت مثلية، وقيمتها إذا كانت قيمية، ويتخير شرعا بين أن يرجع في ذلك على الغاصب الأول وهو المعير فيأخذه منه، وأن يرجع فيه على الغاصب الثاني وهو المستعير، ويجوز له أيضا أن يأخذ قيمة جميع المنافع التي استوفيت من العين في أيام غصبها منه، وجميع منافعها التي فاتت عليه، وإن لم يستوفها أحد، ويتخير في أن يغرم ذلك أي الغاصبين شاء.
فإذا أخذ المالك الشرعي هذه الغرامات من الغاصب الثاني المستعير، وكان تلف العين وهي في يده، لم يرجع المستعير على الغاصب الأول الذي أعاره بقيمة العين التالفة ولا بأجرة المنافع التي استوفاها المستعير بسبب العارية، ولا بأجرة المنافع التي فاتت على المالك في حال تسلط المستعير على العين، وإن لم يستوف هذه المنافع.
نعم، يحق للمستعير أن يرجع الغاصب الذي أعاره بما غرمه المستعير للمالك من أجرة المنافع التي استوفاها الغاصب المعير من العين قبل العارية، وأجرة المنافع الأخرى التي فاتت على مالك العين في ذلك الوقت وإن لم يستوفها أحد فإذا كان المالك قد رجع بهذه الغرامات على المستعير وأخذها منه جاز للمستعير أن يأخذها من الغاصب المعير.