والمسلمون بهذا التنافس والتسابق عما هو أكبر وأعظم وأجدى لهم وأنفع، وهو ابتغاء مرضاة الله والسعي في طلب نائلة، والتوكل الكافي عليه، وشريطة أن لا يشغل المؤمنون والمسلمون بسبب ذلك في ما بينهم، فتتولد الفروق والإحن والحزازات، ويبعدون الغاية وهم يرومون القرب إليها، فإن مكائد الشيطان وأساليبه في صرف المؤمن عن رضى ربه، وعن سبيل الحق لن تعد ولن تحصى، والتنافس والتسابق إذا لم يكن صحيحا، ولم يكن مستقيما مع المبادئ الصحيحة السوية كان وسيلة من وسائل الشيطان للتفرق والشقاق والسقاء.
يجوز التسابق والتنافس في الأعمال التي ذكرناها إذا خلت عن المحاذير التي يمقتها الله، ويبغض وقوعها من الانسان الذي كرمه وفضله، ومن المسلم والمؤمن على الخصوص، ويجوز دفع العوض من الأموال للسابق فيها إذا كان دفع المال إليه من باب الجعالة له على فعله الذي سبق فيه، ويجوز التبرع له بذلك بقصد التشجيع والتكريم له لسبقه أو لابتكاره أو للمزية التي امتازها على أقرانه.
ولا يجري فيها العقد الشرعي المتقدم ذكره، فإنه يختص بمسابقة ذوات الحافر أو الخف، وبالرماية للنصوص الخاصة، ومنها قول الرسول صلى الله عليه وآله: (لا سبق إلا في حافر أو نصل أو خف).
(المسألة 25):
تصح المسابقة على الظاهر بين الشخصين في العدو على الأقدام، وفي السباحة، وفي السفن الشراعية ونحو ذلك إذا تعلق بمثل هذه المسابقات غرض يعده الناس العقلاء صحيحا متعارفا لهم، ولم تكن من اللعب واللهو في نظر أهل العرف، ويجري فيها البيان الذي تقدم في المسألة الماضية.