وإذا حصل الاطمئنان التام للمكلف برؤية الهلال من الشياع أو الاستفاضة أو نحوهما على الوجه الذي تقدم بيانه وجب عليه أن يرتب أثر الرؤية كذلك.
[المسألة 177:] يثبت أول الشهر بالبينة الشرعية، وهي شهادة رجلين عادلين بأنهما قد رأيا الهلال في ليلته، سواء كان الشاهدان من أهل بلد المكلف أم من غير بلده، وسواء كانت في السماء علة تمنع من رؤية سواهما أم لا، إلا إذا أوجب ذلك ريبا في صدق رؤية الشاهدين.
ومثال ذلك: ما إذا كثر الناظرون غيرهما إلى جهة الهلال الراغبون في اكتشاف أمره، وانتفت العلة المانعة من الرؤية في السماء وفي الرائين، على وجه لو كان في الجهة هلال لظهر لغير الشاهدين من الناظرين الآخرين، وفيهم الموثوقون المتثبتون في أمور دينهم، فإذا لم يدع الرؤية سوى الشاهدين من الناس أوجب ذلك ريبا في صحة رؤيتهما، وقوة في احتمال عروض الاشتباه لهما في ما ادعيا، فلا تشمل شهادتهما أدلة حجية البينة في هذه الصورة.
[المسألة 178:] يعتبر في حجية البينة الشرعية أن يكون الشاهدان عادلين، وقد أوضحنا المعنى المراد من العدالة في فصل شرائط الإمام من مباحث صلاة الجماعة من هذه الرسالة، ويعتبر في حجية البينة أن يتفق الشاهدان في شهادتهما على أمر واحد، فإذا شهد كل واحد منهما على شئ غير ما شهد به الآخر لم تقبل شهادتهما.
ومثال ذلك: أن يشهد أحد الشاهدين العادلين بأنه رأى هلال شهر شعبان في ليلة معينة ويشهد العادل الثاني بأنه رأى هلال شهر رمضان بعد مضي ثلاثين ليلة من رؤية الشاهد الأول لهلال شعبان، فلا تكون شهادتهما جامعة لشروط البينة، لاختلاف الأمر الذي شهدا به، وإن اشتركت شهادتهما في بعض اللوازم، فلا يثبت بشهادتهما إن ليلة رؤية الشاهد الثاني هي أول ليلة من شهر رمضان، ومثل ذلك ما إذا اختلف الشاهدان في أوصاف الهلال على وجه يؤدي إلى تعدد ما يشهدان به، فتسقط شهادتهما عن الاعتبار.
[المسألة 179:] يعتبر في حجية البينة أن يشهد الرجلان برؤية الهلال بالحس، فلا يقبل