ونهى وزجر بما يستطيع من مراتب الإنكار التي تقدم بيانها في مسائل الفصل الأول، وأن يكون غضبه لله بمقدار ما غضب الله لنفسه.
وهذا الحكم مع وجود الشرائط والقدرة على إنفاذه من أهم مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع السليم، ووجوب هذه المرتبة وانتشارها في المجتمع من أكبر الأدلة على سلامة المجتمع وبعده عن الأدواء والمؤثرات، وقد سبق في المسألة الثانية والمسألة الثلاثين والسابعة والثلاثين ما يدل على الحكم، وسبق في المسألة الحادية والخمسين قول أمير المؤمنين (ع): (أمرنا رسول الله أن نلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرة).
وفي الخبر عن أبي جعفر (ع): (أوحى الله إلى شعيب النبي (ع): إني معذب من قومك مائة ألف، أربعين ألفا من شرارهم، وستين ألفا من خيارهم، فقال: يا رب هؤلاء الأشرار، فما بال الأخيار؟ فأوحى الله عز وجل إليه، داهنوا أهل المعاصي ولم يغضبوا لغضبي).
[المسألة 62:] ينبغي للمؤمنين أن يؤسسوا العلاقات في ما بينهم ويقيموها على الحب في الله والبغض لأعدائه، فإن الحب إذا أقيم على الايمان الخالص بالله والعمل الزكي بمرضاته، خلص وزكا وثبت ودام، وأنتج النتائج الطيبة المحمودة للمتحابين في دنياهم وأخراهم، وإذا أقيم على غير ذلك لم يخلص ولم يدم، وسقط بسقوط غاياته، وعن أبي عبد الله (ع): (من أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله وتبغض في الله وتعطي في الله وتمنع في الله)، وعنه (ع): (من وضع حبه في غير موضع فقد تعرض للقطيعة).
[المسألة 63:] يستحب استحبابا مؤكدا أن يتزاور المؤمنون في منازلهم الخاصة وفي مجامعهم، ويتداولوا فيها النصيحة من بعضهم لبعض في لزوم الحق والدلالة على سبل الخير، والتذاكر في ما بينهم في ما يثبت العقيدة الصحيحة في قلوبهم، ويبعث الإيمان المشرق في نفوسهم، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر والثبات عليه وعلى مناهجه، والصبر والثبات على ولاء الطيبين الطاهرين محمد وأهل بيته المعصومين (ع) وعلى محبتهم والاستنارة بنور أحاديثهم، والاستشفاء من أدواء النفوس والقلوب بطبهم، والاستمداد الدائم من عطاء ذلك كله، فإنهم وسائل