ووحدوك، وأنت الذي أزلت الأغيار عن قلوب أحباءك حتى لم يحبوا سواك، ولم يلجئوا إلى غيرك، أنت المؤنس لهم حيث أوحشتهم العوالم، وأنت الذي هديتهم حيث استبانت لهم المعالم، ماذا وجد من فقدك، وما الذي فقد من وجدك، لقد خاب من رضي دونك بدلا، ولقد خسر من بغى عنك متحولا، كيف يرجى سواك وأنت ما قطعت الاحسان، وكيف يطلب من غيرك وأنت ما بدلت عادة الامتنان، يا من أذاق أحباءه حلاوة المؤانسة فقاموا بين يديه متملقين، ويا من ألبس أولياءه ملابس هيبته فقاموا بين يديه مستغفرين، أنت الذاكر قبل الذاكرين، وأنت البادي بالاحسان قبل توجه العابدين، وأنت الجواد بالعطاء قبل طلب الطالبين، وأنت الوهاب ثم لما وهبت لنا من المستقرضين.
إلهي اطلبني برحمتك حتى أصل إليك، واجذبني بمنك حتى أقبل عليك.
إلهي إن رجائي لا ينقطع عنك وإن عصيتك، كما أن خوفي لا يزايلني وإن أطعتك، فقد دفعتني العوالم إليك، وقد أوقعني علمي بكرمك عليك.
إلهي كيف أخيب وأنت أملي، أم كيف أهان وعليك