ولقوله - تعالى - في سورة هود: " هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها. " (1) إذ يستفاد منه أن عمران الأرض مطلوب له - تعالى -.
ولما فيه من إخراج العاطل من العطلة المساوقة لتضييع المال.
ولأن الله - تعالى - وضع الأرض وما فيها من المعادن والمياه للأنام فترك إحيائها صرفها فيما خلقت لأجله كفران لنعمة الله، وقد قال - تعالى - في سورة إبراهيم بعد ذكر السماوات والأرض والثمار والأنهار وغيرها: " وآتاكم من كل ما سألتموه، وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار. " (2) يعني أن الله أعطى الإنسان ما يقتضيه طبعه وخلقته من النعم التي لا تحصى، فليس من قبل الله - تعالى - نقص وتقتير، وإنما النقص مستند إلى الإنسان نفسه حيث يظلم بعضهم بعضا ويتعدي إلى حقوقه أو يكفرون بنعم الله - تعالى - ولا يستفيدون منها. هذا.
وروى أحمد في المسند بسنده عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" من أحيا أرضا ميتة فله فيها أجر، وما أكلت العافية منها فهو له صدقة. " (3) ورواه البيهقي أيضا بسنده عن جابر. ورواه الشهيد في المسالك بلفظ العوافي. (4) أقول: في النهاية:
" العافية والعافي: كل طالب رزق من إنسان أو بهيمة أو طائر. وجمعها العوافي. " (5) وفي خراج يحيى بن آدم القرشي بسنده عن جابر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " من زرع زرعا أو غرس غرسا فأكل منه إنسان أو سبع أو طائر فهو له صدقة. " (6) وروى الترمذي بسنده عن أنس، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: " مامن مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه إنسان أو طير أو بهيمة إلا كانت له صدقة. " (7)