" وقد يحتمل أنه من الأنفال التي ثبت تحليلهم إياها للشيعة في زمن الغيبة بالنصوص المنجبرة بالعمل... ولكن الأقوى الأوسط، لإعراض المشهور عن العمل بها في ذلك، فالأصل البقاء. ومصرفه الصدقة به عنه كغيره من المال المتعذر وصوله إلى صاحبه، مضافا إلى استغنائه - عليه السلام - وشدة حاجة شيعته الذين قد تحملوا ما تحملوا في جنبه وإلى ما في حفظه له من التعريض بتلفه واستيلاء الجائرين عليه بل كان ذلك من الخرافات... فالأولى إيصاله إلى نائب الغيبة المأمون فيصرفه على حسب ما يراه من المصلحة التي تظهر له من أحوال سيده ومولاه. " (1) 12 - وفي مفتاح الكرامة في ذيل عبارة القواعد قال:
" للعلم برضاه - جعلني الله تعالى فداه - لاستغنائه عنه وحاجة شيعته المظلومين لأجله إليه فلو كان حاضرا مستغنيا عنه ما تجاوز هذا الصنع، ويؤيده ما دل على فعل أبيه علي أمير المؤمنين (عليه السلام)... وبالجملة المدار على القطع برضاه. " (2) أقول: لا دليل على ما ذكروه من صرفه في الفقراء والمساكين إلا توهم دلالة ما دل على فعل أمير المؤمنين (عليه السلام) وإذنه، أو توهم كون المقام من قبيل المال المتعذر إيصاله إلى صاحبه فيتصدق به عنه كما في الجواهر.
والأول ممنوع، إذ المفروض رفع تعارض هذه الأخبار مع الأخبار الأول بحملها على حكاية فعل لا إلزام في الأخذ به وليس فيها اسم من زمان الغيبة وعدم إمكان الإيصال إلى الإمام.
وبطلان الثاني أيضا واضح، إذ بناؤه على كون المال لشخص الإمام المعصوم فيتصدق به عنه، وقد عرفت فساد هذا.
والحاصل أن أساس كلمات الأصحاب وأقوالهم في باب الخمس والأنفال كونهما لشخص الإمام المعصوم، إذ لم يلتفتوا إلى ضرورة الحكومة الإسلامية العامة في كل عصر وزمان وأن الخمس والأنفال من قبيل الماليات والضرائب للحكومة العادلة