(= الجزية) ما حاصله:
" وكانت جزية الرؤوس مشهورة قبل ظهور الإسلام في البلاد المفتوحة، سواء كانت ساسانية أم رومية.... وكانت تفرض بطبيعة الحال على غير المسلمين دون سواهم.
وورد في الآثار المتقدمة وفي الايصالات المصرية التي تؤخذ نظير دفع جزية الرؤوس كلمة جالية - وجمعها جوالي - وقد أصبح هذا اللفظ مرادفا لكلمة الجزية) (1).
وقال جرجي زيدان: (والجزية ليست من محدثات الإسلام، بل هي قديمة من أول عهد التمدن القديم، وقد وضعها يونان أثينا على سكان سواحل آسيا الصغرى حوالي القرن الخامس قبل الميلاد، مقابل حمايتهم من هجمات الفينيقيين، وفينيقية يومئذ من أعمال الفرس، فهان على سكان تلك السواحل دفع المال في مقال حماية الرؤوس.
والرومان وضعوا الجزية على الأمم التي أخضعوها، وكانت أكثر كثيرا مما وضعه المسلمون بعدئذ. فإن الرومان لما فتحوا غاليا - فرنسا -، وضعوا على كل واحد من أهلها جزية يختلف مقدارها ما بين 9 جنيهات و 15 جنيها في السنة، أو نحو سبعة أضعاف جزية المسلمين، ولم تكن الجزية كبيرة بهذا المقدار في كل البلاد التي افتتحها الرومان، ولكنهم يعللون كبرها في غاليا ونحوها التي كانت تؤخذ من الأشراف، عنهم وعن عبيدهم وخدمهم، وكان الفرس أيضا يجبون الجزية من رعاياهم).
إلى أن قال: (فالظاهر أن العرب أخذوها عن الفرس لفظا ومعنى، فعربوا لفظها حتى صار (جزية) وعدلوا في كيفية جمعها كما رأيت وقد رفعوها عن المسلمين كما فعل كسرى أيضا، لأن المسلمين عندهم هم الجند والعظماء وأهل البيوتات