أحكام المسلمين واجراؤها عليهم.
وأما ما يجب الكف عنه فعلى ثلاثة أضرب: ضرب فيه منافاة الأمان، وضرب فيه ضرر على المسلمين، وضرب فيه اظهار منكر في دار الإسلام.
فذكر هذه الأشياء كلها تأكيد وليس بشرط في صحة العقد. فأما ما فيه منافاة الأمان فهو أن يجتمعوا على قتال المسلمين، فمتى فعلوا ذلك نقضوا العهد، وسواء شرط ذلك في عقد الذمة أو لم يشرط لأن شرط الذمة يقتضي أن يكونوا في أمان من المسلمين والمسلمين في أمان منهم.
وأما ما فيه ضرر على المسلمين يذكر فيه ستة أشياء:
ألا يزني بمسلمة ولا يصيبها باسم نكاح، ولا يفتن مسلما عن دينه، ولا يقطع عليه الطريق، ولا يؤوي للمشركين عينا، ولا يعين على المسلمين بدلالة أو بكتب كتاب إلى أهل الحرب بأخبار المسلمين ويطلعهم على عوراتهم، فإن خالفوا شرطا من هذه الشروط، نظر فإن لم يكن مشروطا في عقد الذمة لم ينقض العهد لكن إن كان ما فعله يوجب حدا أقيم عليه الحد فإن لم يوجبه عزر، وإن كان مشروطا عليه في عقد الذمة كان نقضا للعهد لأنه فعل ما ينافي الأمان.
وأما ما فيه اظهار منكر في دار الإسلام ولا ضرر على المسلمين فيه فهو احداث البيع والكنائس وإطالة البنيان وضرب النواقيس وادخال الخنازير واظهار الخمر في دار الإسلام فكل هذه عليه الكف عنه، سواء كان مشروطا أو غير مشروطا فإن عقد الذمة يقتضيه، وإن خالفوا ذلك لم ينتقض ذمته، سواء كان مشروطا عليه أو لم يكن لكن يعزر فاعله أو يحد إن كان مما يوجب الحد) (1).
وقال العلامة في المنتهى ما حاصله: (لا يجوز عقد الذمة المؤبدة إلا بشرطين:
أحدهما: أن يلتزموا اعطاء الجزية، والثاني: التزام أحكام الإسلام على معنى وجوب القبول لما يحكم به المسلمون من أداء حق أو ترك محرم... ولا نعلم في