الثالث: أن لا يؤذوا المسلمين كسرقة أموالهم والزنا بنسائهم واللواط بصبيانهم، وايواء عين المشركين والتجسس لهم، فإن فعلوا شيئا وكان تركه مشترطا في الهدنة كان نقضا، وإن لم يكن مشترطا كانوا على عهدهم ويجري عليهم ما تقتضيه جنايتهم من حد أو تعزير أو سجن. قال في الجواهر ما حاصله:
(صرح بذلك غير واحد، بل صرح بعضهم بعدم لزوم ذكر هذا الشرط في عقد الذمة، وأنه مما ينبغي للإمام عليه السلام اشتراطه، بل قد سمعت تصريح الدروس بانتقاض العهد به، وإن لم يشترط كما هو ظاهر اللمعة بل هو ظاهر النافع أيضا " (1).
الرابع: أن لا يتظاهروا بما هو منكر عند المسلمين كشرب الخمر وأكل لحم الخنزير والزنا ونكاح المحرمات ونحوها، وإن كانت جائزة في معتقدهم، ولو تظاهروا بذلك نقض العهد وإن لم يذكر اشتراطه في عقد الذمة.
ويدل عليه صحيح زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قبل الجزية من أهل الذمة على أن لا يأكلوا الربا، ولا يأكلوا لحم الخنزير، ولا ينكحوا الأخوات، ولا بنات الأخ ولا بنات الأخت، فمن فعل ذلك منهم برئت منه ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وآله، قال: وليست لهم اليوم ذمة.
أقول: ولعل وجه قوله عليه السلام: (وليست لهم اليوم ذمة) أن العاقد لعقد الذمة هو الإمام الصالح للمسلمين وخلفاء عصره لم يكونوا صالحين، أو لأن أهل الذمة لم يعملوا بمقتضى عقد الذمة كما يؤيد ذلك رواية الأعور عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:
ما من مولود يولد إلا على الفطرة، فأبواه اللذان يهودانه وينصرانه ويمجسانه، وإنما أعطى رسول الله صلى الله عليه وآله الذمة وقبل الجزية عن رؤوس أولئك بأعيانهم على أن لا يهودوا أولادهم ولا ينصروا، وأما أولاد أهل الذمة اليوم، فلا ذمة لهم (2).
وفي الوسائل روايات أخرى تدل على هذا الشرط.