أوصاف الحيض أمارة عليه، لأن صفات الحيض نوعا صفات مشتركة بينه وبين سائر الدماء، بخلاف صفات الاستحاضة فإنها صفات مختصة بها نوعا، وكون الصفات المختصة أمارة على ما تختص به أقرب من أمارية الصفات المشتركة ولو في فرض الدوران بينهما. والانصاف ظهور الروايات في أمارية كل من القبيلين، فحينئذ يحكم بكون الصفرة استحاضة مطلقا إلا ما خرج بالدليل، ككونها في أيام العادة أو قبلها أو بعدها بقليل كما مر وتدل على المطلوب أيضا روايات، كصحيحة محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة ترى الصفرة في أيامها، فقال: لا تصلي حتى تنقضي أيامها، وإن رأت الصفرة في غير أيامها توضأت وصلت. (1) ظاهرها حدوث الرؤية في العادة أو بعدها، ولو أنكر الظهور فيه فلا أقل من الاطلاق. والعجب أن الشيخ الأعظم تمسك بها لعدم التحيض بما رأت قبل أيام العادة ولم يتمسك بها لما بعدها وأفتى بالتحيض برؤية الصفرة لوجوه ضعيفة.
وكموثقة أبي بصير المتقدمة بالتقريب المتقدم دلت على أن الصفرة قبل أيام الحيض بأكثر من يومين وبعدها بيومين وصاعدا ليست بحيض. وكذا الروايات الدالة على أنه إذا رأت الصفرة قبل انقضاء أيام عادتها لم تصل، وإن رأت بعدها صلت. فإن إطلاقها يقتضي أن لا تكون الصفرة وإن حدثت بعد العادة حيضا، سواء رأت الدم في العادة فطهرت ثم رأت صفرة، أو لم تر في العادة ورأت بعدها، وتخصيصها بما إذا استمر دمها إلى ما بعد العادة لا وجه له. وكصريح صحيحة ابن الحجاج المتقدمة، إلى غير ذلك من الروايات. وليس في مقابلها إلا قاعدة الامكان، وقد مر عدم الدليل عليها، ومع تسليم تماميتها تكون الأدلة المتقدمة حاكمة أو واردة عليها، ضرورة أن موضوعها ما يمكن أن يكون حيضا، وقد مر أن معناه ما لم يدل دليل على عدم حيضيته، فبقيام الأمارة على الاستحاضة وما تقدم من الأدلة على عدم الحيضية ينتفي موضوعها.