وقد أورد الشيخ الأعظم على القاعدة بأن موضوعها الامكان المستقر، ولا يمكن إحرازه بالأصل لمنع جريان أصالة البقاء في مثل المقام، بل الأصل عدم حدوث الزائد على ما حدث، ولو سلم جريانها لكنه لا يجدي في إثبات الامكان المستقر ليدخل تحت معاقد إجماعات القاعدة، لأن مراد المجمعين من الاستقرار هو الواقعي المتيقن، وبعبارة أخرى: الدم الموجود في ثلاثة أيام، وليس لفظ الامكان المستقر واردا في نص شرعي حتى يترتب على الثابت منه بالاستصحاب ما يترتب على المستقر الواقعي فافهم (انتهى).
وفيه أن عدم جريان الأصل لو كان لأجل عدم جريانه في المتصرمات لعدم البقاء لها، لأن كل قطعة منها غير الآخر، فالدم في اليوم الثاني غير ما في اليوم الأول فلا يجري فيها الأصل إلا على القول بالجريان في القسم الثالث من الكلي، فلا محيص إلا من إجراء أصل عدم الحدوث بالنسبة إلى غير الموجود، ففيه أنه قد حقق في محله جريان الأصل فيها، وأن هذه المتصرمات ليست مركبة من قطعات متكثرة، لا عقلا وإلا لزم مفاسد الجزء الذي لا يتجزى، ولا عرفا لأن العرف يرى الماء الجاري والحركة شيئا واحدا له البقاء وإن كانت وحدته وبقاؤه بنحو التصرم والتغير، فالدم الجاري المتصل من أول وجوده إلى زمان انقطاعه شئ واحد متصل متصرم باق دائم، لا أمور متكثرة ومصاديق متعددة متلاصقة، فمع العلم بوجوده والشك في انقطاعه تكون القضية المتيقنة والمشكوك فيها واحدة، ويصدق عدم نقض اليقين بالشك بلا ريب، فحينئذ يكون المستصحب شخصيا لا كليا. مضافا إلى أن التحقيق جريان الأصل في القسم الثالث من الكلي في مثل الدم السائل، وأصالة عدم حدوث الزائد لا تنفي الكلي إلا بالأصل المثبت.
وأما ما ذكره ثانيا من عدم إجداء الأصل في إثبات الامكان المستقر الظاهر منه الفرق بين كون الدليل عليه الاجماع والدليل اللفظي، ففيه أنه إن كان المدعى أن الاجماع قائم على الدم المتيقن في ثلاثة أيام بحيث كان اليقين جزء للموضوع فلا يخفى ما فيه، ضرورة أن ما ادعي الاجماع عليه على فرض صحته هو أن كل دم يمكن أن