يكون حيضا فهو حيض. وأن كان المراد أن الحكم وإن ثبت للدم الواقعي المستمر إلى ثلاثة لكن القدر المتيقن من الاجماع هو الدم الثابت باليقين، ففيه أن الثبوت باليقين إن كان قيدا للموضوع فيرجع إلى الوجه الأول، وإن كان الحكم ثابتا للموضوع الواقعي فالأصل محرز له.
نعم لو كان موضوع القاعدة هو عنوان الامكان لم يمكن إحرازه بأصالة بقاء الدم إلى ثلاثة أيام إلا بالأصل المثبت، لكن الظاهر كما مر سابقا أن موضوع القاعدة ليس هذا العنوان، إذ ليس المراد بالامكان ما هو المصطلح عند المنطقيين بل المراد ما لم يقم دليل شرعي على عدم حيضيته، فكل دم لم يقم دليل من عقل أو شرع على عدم حيضيته فهو حيض، فالدم الموجود مما لم يقم دليل على عدم حيضيته من غير ناحية عدم الاستمرار إلى ثلاثة أيام بالوجدان ومن ناحيته بالأصل، فيحرز الموضوع بهما لأن الموضوع مركب لا مقيد.
رابعتها ذات العادة العددية المحضة إن رأت بصفة الحيض تتحيض بمجرد الرؤية لما مر من أخبار الصفات، وقد مر عدم اختصاصها بمستمرة الدم، وسيأتي إن شاء الله في الاستحاضة تتمة البحث فيها. وإن رأت بصفات الاستحاضة يحكم بها بناء على أمارية الأوصاف لها. وقد يقال بتحيضها مطلقا، واستأنس له صاحب الجواهر - بعد الاجماع المدعى على ذات العادة وصدق اسم ذات العادة عليها - بما دل على التحيض بمجرد الرؤية في معتادة الوقت لو رأت قبل وقتها، كخبر علي بن أبي حمزة قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام وأنا حاضر عن المرأة ترى الصفرة، فقال: ما كان قبل الحيض فهو من الحيض، وما كان بعد الحيض فليس منه. (1) ومضمر معاوية بن حكيم قال: قال: الصفرة قبل الحيض بيومين فهو من الحيض، وبعد أيام الحيض فليس من الحيض. (2) وخبر سماعة (1) أنه ربما تعجل بها الوقت، بتقريب أن يقال:
إنه لو كان مدار التحيض بالرؤية على الوقت لما حكم في هذه الأخبار بذلك وإن لم تره فيه.