الظاهر أن الدمين نفاس مع الانقطاع على العشرة مطلقا للصدق العرفي وموضوعية النفساء قبل تجاوز دمها عن عشرة أيام للحكم. ومع التجاوز لا إشكال ظاهرا في ذات عادة عشرة أيام، وفي غير ذات العادة في كون الحاشيتين نفاسا. وأما ذات العادة إذا كانت عادتها أقل منها فإن قلنا بشمول أدلة الرجوع إلى العادة لها لأجل إمكان القعود في أيام عادتها في الجملة فلا يكون الدم الثاني نفاسا، وإن قلنا بعدم شمولها لها فلا يبعد الحكم بنفاسية الطرفين ولو قلنا بكون النقاء في البين في حكم النفاس.
وما قيل من أن كون الدم الثاني نفاسا ممتنع لأنه يلزم من وجوده عدمه، حيث إن نفاسيته سبب لاندراج المرأة في موضوع الأخبار الدالة على أنها لا تقعد أزيد من أيامها وأن ما تراه استحاضة مدفوع بأن الظاهر من الأدلة كون الدم من أيام العادة مستمرا إلى ما بعد العشرة، وشمولها لما الحق به حكما محل إشكال بل منع.
وكيف كان فيقع الكلام في أن الطهر المتخلل بين النفاس الواحد نفاس أو لا، الظاهر نفاسيته، لاطلاق صحيحة محمد بن مسلم " لا يكون القرء في أقل من عشرة أيام " وخروج الطهر بين النفاسين من مفادها بالتقريب المتقدم لا يلزم منه خروج الطهر بين النفاس الواحد، فإن القرء في النفاسين لا يكون للاختزان، بل جمع الدم إنما هو لأجل الولد بخلاف المقام. وبالجملة لا مانع من الأخذ بإطلاق الصحيحة.
نعم يشكل التمسك بمرسلة يونس بما مر، والظاهر أن الحكم متسالم عليه بينهم. وأما الاستدلال على المطلوب بصدق النفساء على المرأة في أيام النقاء، إذ لا يعتبر في مثل هذا المشتق تلبس الذات بالمبدأ على الدوام، فيشمله حينئذ كل ما دل على أن النفساء تكف عن الصلاة أيام قرئها كما أفاد الشيخ الأعظم فغير تام، ضرورة أنه لو سلم الصدق في الفترات القليلة لم يسلم في مثل المفروض مما كان أيام النقاء ثمانية مثلا وأيام التلبس يوما أو يومين من الحاشيتين بعد فرض كون المبدأ هو الدم. نعم لو فرض أن المبدأ هو حال معنوي محفوظ أو استعداد لقذف الدم كان حاصلا والمشتق صادقا، لكنه ممنوع مخالف للأدلة كما لا يخفى.