كونه نفاسا، ولقاعدة الامكان مع الشك في الصدق. وفيه أنه مع فرض الانصراف لا دليل على ترتب الأحكام حتى مع العلم بكونه نفاسا وكون المرأة نفساء. لأن وجه الانصراف ندرة تخلف الدم عن الولادة، فيكون هذا الوجه موجودا في جميع أدلة الباب. ودعوى امتناع تخلف الأحكام مع كون المرأة نفساء، مدفوعة بأن الأحكام يمكن أن تكون مترتبة على قسم من النفاس والنفساء كما ذكرنا في الحيض، ألا ترى أن النفساء صادقة على من ترى الدم إلى الحادي عشر بلا ريب، ضرورة أن الدم الجاري إلى الساعة الأخيرة من اليوم العاشر نفاس في غير ذات العادة وبعدها ليس بنفاس حكما، ولا يمكن أن يقال إن الدم بحسب التكوين إلى هذه الساعة نفاس دون بعدها أو بحسب العرف والعادة كذلك. فلا محالة يكون التصرف في الموضوع من الشارع.
فجعل دم النفاس في مقدار معين أو وقت معين موضوع حكمه دون غيره مع كونه نفاسا واقعا. فحينئذ نقول بعد قصور الأدلة عن إثبات الحكم لمن لم تر دما مع الولادة أو قريبا منها للانصراف حسب الفرض يكون مقتضى الأصول والقواعد عدم محكومية المرأة بأحكام النفساء، فلا يجب التنفس عليها إذا لم تر الدم ثم رأت بعد فصل. وأما قاعدة الامكان فلا أصل لها في الحيض كما عرفت فضلا عن الاستحاضة، بل لو قلنا بأن دليل القاعدة هو الأصل العقلائي كما قيل في باب الحيض وثبت بها كون الدم نفاسا و المرأة نفساء لا يفيد في المقام مع عدم دليل على ترتب الأحكام على النفساء مطلقا كما تقدم.
لكن الانصاف أن دعوى الانصراف في الأدلة مطلقا سواء في ما دلت على أن النفساء تقعد أيامها أو قدر عادتها أو ما دلت على جواز الغشيان إذا مضى لها منذ يوم وضعت بقدر أيام عدة حيضها أو ما دلت على أن دم النفاس لا يكون أكثر من عشرة أيام، غير وجيهة، فإن ندرة الوجود وإن كانت موجبة لعدم انتقال الذهن إلى الفرد النادر لكن لا توجب الانصراف وخروج العنوان المأخوذ في الأدلة عن كونه تمام الموضوع للحكم، خصوصا في مثل المقام الذي كان موضوع الحكم النفساء، وتقتضي المناسبة بين الحكم والموضوع أن يكون الموضوع هو نفس العنوان من غير دخل