وأما احتمال كون النفاس عبارة عن حدث معنوي، فإن كان المراد منه حدث النفاس كحدث الحيض والجنابة فالضرورة قاضية بمخالفته لنفسه، فإن المرأة بعد عشرة أيام أو ثمانية عشر ليست بنفساء بلا إشكال وإن كانت محدثة بحدث النفاس، فحدثه غير نفسه، كحدث الحيض فإنه غير الحيض، وإن كان المراد أن هنا أمرا معنويا آخر هو حدث النفاس فلا دليل عليه، بل الأدلة قاطبة على خلافه. ويظهر مما مر حال احتمال عدم نفاسية الأول كما احتمله المحقق في محكي المعتبر بدعوى عدم اجتماع النفاس كالحيض مع الحمل. وفيه منع عدم اجتماع الحيض معه كما تقدم، وعلى فرض تسليمه منع كون النفاس كالحيض في ذلك.
بقي شئ وهو أنه لو وضعت الولد الواحد قطعة قطعة فهل يكون لكل قطعة نفاس مستقل مطلقا، أو لا يكون للجميع إلا نفاس، أو يفصل بين كون القطعة معتدا بها بحيث يكون خروجها بمنزلة ولادة وبين غيره، أو يفصل بين وقوع الفصل بأقل الطهر بين خروج القطعة الأولى والثانية وعدمه؟ وجوه، والأقرب في غير الفصل بأقل الطهر كونه نفاسا واحدا لكون الولادة واحدة عرفا ولغة وإن خرج المولود قطعة قطعة، والنفاس واحد مع استمرار الدم، بل مع الفصل بالأقل من أقل الطهر إذا قلنا بأنه نفاس. بل مع الفصل بأقل الطهر يمكن أن يقال أيضا إنه نفاس واحد وإن فصل بين أجزائه طهر، فإن العرف كما يرى الولادة واحدة والمولود واحدا يرى الدم دم الولادة الواحدة ومن تتمة النفاس لا نفاسا مستقلا، ولا مانع من الفصل بين أجزائه بأجنبي. ولا ثمرة ظاهرا في خصوص الفرع إن قلنا بأن النفاس من خروج الدم وحساب العدد من وضع القطعة الأخيرة، كما يأتي الكلام فيه قريبا.
وكيف كان ففي خروج القطعات هل يكون مبدأ النفاس من بعد المجموع كما احتمله صاحب الجواهر حيث قال: ويحتمل هنا توقف النفاس على خروج المجموع وإن اكتفينا ببروز الجزء مع الاتصال للفرق بينه وبين الانفصال (انتهى) ولم يذكر وجه الفرق، فكأنه دعوى قصور الدليل عن شمول المنفصل، وفيه ما لا يخفى، ضرورة صدق دم الولادة مع الخروج مقارنا للجزء كما مر، بل احتملنا أولوية