للأمور الخارجة فيها، ولا يرى العرف للظرف والوقت موضوعية للأحكام، وهذا نظير قوله " / الماء يطهر " حيث يكون بعض مصاديقه نادر الوجود جدا بحيث ينصرف الذهن عنه، لكن المناسبة بين الحكم والموضوع توجب دفع الانصراف، لأن المطهرية بنظر العرف لا تكون إلا لنفس طبيعة الماء من غير دخل لشئ آخر فيها، بل العرف قد يلغي بعض القيود لأجل بعض المناسبات، وكيف كان فلا مجال لدعوى الانصراف.
وأوهن منها دعوى الانصراف في بعض الأدلة كحسنة مالك بن أعين دون بعض، ضرورة أنه لا وجه للتفصيل بعد كون وجه الانصراف ما تقدم، ولا يكون قوله " و هي في نفاسها من الدم " موجبا للانصراف إلا للوجه المتقدم.
ثم إنه بعد البناء على إنكار الانصراف في الأدلة لا بد من بيان مفادها ووجه الجمع بينها فنقول: مقتضى إطلاق ما دلت على أن النفساء تقعد قدر حيضها وتستظهر يوما أو يومين إلى عشرة أيام أن كل ما صدق عليها عنوان النفساء يجب عليها القعود قدر حيضها والاستظهار بعده، كان الدم متصلا بالوضع أو منفصلا، قبل مضي مقدار العادة من يوم الوضع أو بعده، بل قبل عشرة أيام أو بعدها، مع صدق دم الولادة وعنوان النفساء. ولا منافاة بين هذه الطائفة وبين ما دلت على أن دم النفاس لا يكون أكثر من عشرة أيام كما هو واضح. بقيت رواية مالك بن أعين حيث دلت على أن مقدار أيام العادة إنما هو من يوم وضعت، وإطلاقها يقتضي أن يكون حساب الأيام من يوم الوضع، سواء رأت الدم من حال الوضع أو لا، ومقتضى تحكيمها على سائر الأدلة أن ذات العادة تقعد مع رؤية الدم مقدار أيام عادتها من زمان الوضع، فيكون ظرف القعود مقدار أيام العادة من أول الوضع لكن مع رؤية الدم، وأما مع عدم الرؤية رأسا فلا قعود لها، لما دل على أن النفاس هو دم الولادة، ولمثل قوية السكوني ورواية الجعفريات والخلقاني حيث علق الحكم فيها على الدم المرئي على رأس الطفل، فالقعود يتوقف على رؤية الدم وكون ظرف الرؤية أيام العادة من يوم الوضع، فالمرأة التي لم تر دما أول الوضع ليست موضوعة للحكم لفقدان قيد هو