من السواد إلى غير ذلك. فلا يكون تغير لون الدم أمارة قطعية على الحيض، وإلا لم يعقل تأخرها عن الرجوع إلى العادة المعلومة، مع أن أمارية العادة أيضا لا تكون قطعية، خصوصا مع حصولها بمرتين، وبالأخص في زمان اختلاط الدم والريبة كما هو المفروض.
وبهذا يظهر أن المراد بقوله " إن دم الحيض أسود يعرف " ليس هو المعروفية الوجدانية القطعية بل الظنية التعبدية. ولهذا قال " ولو كانت تعرف أيامها ما احتاجت إلى معرفة لون الدم، لأن السنة في الحيض - إلخ - " فإن الرجوع إلى معرفة لونه إذا كان بحسب احتياجها إليه وعند فقد ما يوصلها إلى معرفة الأيام و لو تعبدا لا يعقل إلا أن يكون أمارة ظنية دون أمارية العادة. ويؤكد ذلك تعليله بأن السنة في الحيض أن تكون الصفرة في أيام الحيض حيضا.
ومما يؤكد ما ذكرنا قوله عليه السلام في المرسلة " فجميع حالات المستحاضة تدور على هذه السنن الثلاث لا تكاد تخلو من واحدة منهن: إن كانت لها أيام معلومة من قليل أو كثير فهي على أيامها وخلقتها التي جرت عليها ليس فيها عدد معلوم موقت غير أيامها، فإن اختلطت الأيام عليها وتقدمت وتأخرت وتغير عليها الدم ألوانا فسنتها إقبال الدم وإدباره وتغير حالاته " حيث جعل تغير حالات الدم من السنن الثلاث التي سنها رسول الله صلى الله عليه وآله قبال السنتين الأخريين، ومعلوم أن الأخذ بتغير اللون لأجل التبعية عن السنة لا للعلم الوجداني بالموضوع، ولهذا تمسك في ذيلها أيضا للرجوع إلى تغير دمها مع اختلاط الأيام بقول رسول الله صلى الله عليه وآله " إن دم الحيض أسود يعرف " ولو كان يحصل العلم بالحيض من لون الدم لم يعقل التشبث بالتعبد. وبالجملة لا يشك الناظر في المرسلة في أن تغير الدم ألوانا من الأمارات التعبدية التي جعلها الشارع أمارة عند فقد أمارة هي أقوى في الأمارية منها.
والعجب من المحقق الخراساني - رحمه الله - حيث اعترف بظهور المرسلة في أمارية إقبال الدم وإدباره وأنكر الأمارية في تغير اللون، مع أن الاقبال و الادبار ذكرا فيها مع تغير اللون بسياق واحد، ولا يمكن التفكيك بينهما.