لأجل هذه الأوصاف، بل للعادة المستمرة لهن وعدم اعوجاج طبائعهن غالبا، ففي حال الاستقامة تعلم المرأة بقرائن غالبا أن ما تقذفه الرحم حيض، وأما لو استمر مثلا بها الدم أو حصلت شبهة أخرى لها فليس أن تقطع مع ذلك بالواقع لأجل تلك الصفات، ومع عدم حصول القطع وجدانا لا محيص عن كونها أمارة ظنية اعتبرها الشارع، نظير الشهوة والفتور والدفع في المني، مع أن تشخيص المني عادة أسهل للرجال من تشخيص الحيض عند الاشتباه للنساء.
وبالجملة كون الرواية بصدد بيان أن هذه الأوصاف علامات يحصل بها القطع فلا معنى للسؤال، في غاية البعد. وفي مرسلة يونس موارد للدلالة على أن تغير لون الدم أمارة تعبدية، ففيها: أن فاطمة بنت أبي حبيش أتت النبي صلى الله عليه وآله فقالت: إني أستحاض ولا أطهر، فقال لها النبي صلى الله عليه وآله: ليس ذلك بحيض إنما هو عزف، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي - إلى أن قال: - فهذا يبين أن هذه امرأة قد اختلط عليها أيامها لم تعرف عددها ولا وقتها، ألا تسمعها تقول: إني أستحاض ولا أطهر؟ وكان أبي يقول: إنها استحيضت سبع سنين، ففي أقل من هذا تكون الريبة والاختلاط، فلهذا احتاجت إلى أن تعرف إقبال الدم من إدباره و تغير لونه من السواد إلى غير ذلك، وذلك أن دم الحيض أسود يعرف، ولو كانت تعرف أيامها ما احتاجت إلى معرفة لون الدم، لأن السنة في الحيض أن تكون الصفرة والكدرة فما فوقها في أيام الحيض - إذا عرفت - حيضا كله إن كان الدم أسود أو غير ذلك. فهذا يبين لك أن قليل الدم وكثيره أيام الحيض حيض كله إذا كانت الأيام معلومة، فإذا جهلت الأيام وعددها احتاجت إلى النظر حينئذ إلى إقبال الدم وإدباره وتغير لونه (1) - الحديث -.
فإن الظاهر منها أن إقبال الدم وإدباره وتغير لونه أمارة تعبدية لتشخيصه وأنها إذا اختلط عليها أيامها ولم تعرف عددها ولا وقتها مما هي أمارة تعبدية أخرى احتاجت إلى أمارة دونها في الأمارية، وهي إقبال الدم وإدباره وتغير لونه