وإن لم يكن الأمر كذلك ولكن الدم أطبق عليها فلم تزل الاستحاضة دارة وكان الدم على لون واحد وحالة واحدة فسنتها السبع والثلاث والعشرون، لأن قصتها كقصة " حمنة " حين قالت: إني أثجه ثجا. (1) فهذه الرواية عمدة مستند من ذهب إلى أن المبتدئة سنتها الرجوع إلى السبعة والثلاثة والعشرين ليس لها سنة غيرها وليس لها الرجوع إلى الصفات، لكن المتأمل فيها من أولها إلى آخرها لا يبقى له ريب في أن الرجوع إلى التمييز بعد الرجوع إلى العادة مقدما على الرجوع إلى الروايات، وأن الرجوع إليها أي إلى السنة الثالثة إنما هو مع فقد الأمارة على الحيض أو الاستحاضة، وأن من كانت لها عادة معلومة يجب عليها الرجوع إليها، لأن العادة طريق قوي إلى الحيض، و مع فقد الأمارة القوية ترجع إلى الأمارة التي دونها وهي إقبال الدم وإدباره وتغير حالاته وألوانه، ومع فقد هذه أيضا يكون المرجع هو السنة الثالثة، وهي التي لفاقدة الأمارة. ومعلوم من الرواية حتى مع قطع النظر عن ذيلها الذي هو كالصريح في المطلوب أن " حمنة بنت جحش " كانت فاقدة الأمارة، أما فقدها للعادة فمعلوم، وأما فقدها للتمييز فلأن الظاهر منها أن الدم كان في جميع الأزمنة كثيرا له دفع، حيث قالت " إني استحضت حيضة شديدة " وقالت " إنه أشد من ذلك، إني أثجه ثجا. فقال: تلجمي وتحيضي.. " فإن الثج هو سيلان دم الأضاحي والهدي، والدم الذي بهذه الشدة والكثرة لا ينفك عن الحرارة والحمرة، فله دفع وشدة و حرارة وكثرة من تغير حال، وإنما جعلت السنة الرجوع إلى السبع لأجل ذلك.
ثم لو فرض إبهام فيها من هذه الجهة فلا إشكال في أن ذيلها يرفع كل إبهام متوهم، حيث قال: فإن لم يكن الأمر كذلك - إلى آخرها - فيعلم من ذلك أن قصة " حمنة " هي كون الدم على حالة واحدة من الحرارة والدفع والكثرة وعلى لون واحد لا يكون لها تميز، وأن الثج دليل عليه كما ذكرنا. فلا إشكال في أن الرواية تدل