المتقرب الى اللَّه بمحبتك البري ء من أعدائك، سلام من قلبه بمصابك مقروح، ودمعه عند ذكرك مسفوح، سلام المفجوع المحزون الواله المستكين، سلام من لو كان معك في الطفوف لوقاك بنفسه حد السيوف وبذل حشاشته دونك للحتوف، وجاهد بين يديك ونصرك على من بغى عليك وفداك بروحه وجسده وماله وولده، وروحه لروحك فداء، وأهله لأهلك وقاء.
فلئن أخرتني الدهور وعاقني عن نصرك المقدور ولم أكن لمن حاربك محارباً ولمن نصب لك العداوة مناصباً، فلأ ندبنّك صباحاً ومساء، ولأبكيّن لك بدل الدموع دماً، حسرة عليك وتأسفاً على ما دهاك وتلهّفاً، حتى أموت بلوعة المصاب وغصة الاكتئاب.
وأمر اللعين جنده فمنعوك الماء ووروده، وناجزوك القتال وعاجلوك النزال، ورشقوك بالسهام والنبال وبسطوا اليك اكف الاصطلام، ولم يرعوا لك ذماماً، ولا راقبوا فيك أثاماً في قتلهم أولياءك ونهبهم رحالك وأنت مقدم في الهبوات ومحتملٌ للأذيات، قد عجبت من صبرك ملائكة السماوات، فأحدقوا بك من كل الجهات، وأثخنوك بالجراح وحالوا بينك وبين الرواح ولم يبق لك ناصر وأنت محتسب صابر، تذب عن نسوتك وأولادك، حتى نكسوك عن جوادك فهويت الى الأرض جريحاً، تطؤك الخيول بحوافرها وتعلوك الطغاة ببواترها، قد رشح للموت جبينك، واختلف بالانقباض والانبساط شمالك ويمينك، تدير طرفاً خفياً الى رحلك وبيتك وقد شغلت بنفسك عن ولدك وأهاليك.
وأسرع فرسك شارداً إلى خيامك قاصداً محمحماً باكياً، فلما رأين النساء جوادك مخزيّاً ونظرن سرجك عليه ملويِّاً، برزن من الخدور ناشرات الشعور، على الخدود لاطمات وبالعويل داعيات، وبعد العز مذللات، وإلى مصرعك