قدرت على ألا تقدم عليهم شبراً الّا فعلت، فان اردت أن تنزل بلداً يمنعك اللَّه به حتى ترى من رأيك ويستبين لك ما أنت صانع، فسر حتى انزلك مناع جبلنا الذي يدعى أجأ، امتنعنا واللَّه به من ملوك غسان وحمير ومن النعمان بن المنذر ومن الأسود والأحمر واللَّه ان دخل علينا ذل قط، فأسير معك حتى انزلك القريّة، ثم نبعث إلى الرجال ممن بأجأ وسلمى من طي ء، فواللَّه لا يأتي عليك عشرة أيام حتى تأتيك طي ء رجالًا وركباناً، ثم اقم فينا ما بدالك، فان هاجك هيج فأنا زعيم لك بعشرين ألف طائي يضربون بين يديك بأسيافهم، واللَّه لا يوصل اليك ابداً ومنهم عين تطرف، فقال له: جزاك اللَّه وقومك خيراً، انه قد كان بيننا وبين هؤلاء القوم قول لسنا نقدر معه على الانصراف، ولا ندري علام تنصرف بنا وبهم الأمور في عاقبة.
قال أبو مخنف: فحدثني جميل بن مرثد، قال: حدثني الطرماح بن عدي قال: فودعته وقلت له: دفع اللَّه عنك شر الجن والأنس، اني قد امترتُ لأهلي من الكوفة ميرة، ومعي نفقة لهم، فآتيهم فأضع ذلك فيهم، ثم اقبل اليك ان شاء اللَّه، فان ألحقك فواللَّه لأكونن من أنصارك، قال: فان كنت فاعلًا فعجل رحمك اللَّه، قال: فعلمت انه مستوحشٌ الى الرجال حتى يسألني التعجيل.
قال: فلما بلغت أهلي وضعت عندهم ما يصلحهم، وأوصيت، فأخذ أهلي يقولون: انك لتصنع مرتك هذه شيئاً ما كنت تصنعه قبل اليوم. فأخبرتهم بما أريد، واقبلت في طريق بني ثعل، حتى إذا دنوت من عذيب الهجانات استقبلني سماعة بن بدر، فنعاه إلي فرجعت» «1».