واقع فيها بما فيه مما ذكر كالأشجار ونحوها للنفسية والأسلحة للحيوانية والثمار للطبيعية والحمام موضوع بأصل وضعه للتنظيف من نحو الأوساخ والدرن والعفونات والقمل ولدفع أمراض كثيرة كالحميات والتخم والاعياء وأنواع الهيضة والنزلات ولما كان من العروق ما هو بعيد الاغوار أرق من الشعر وكان الدواء إنما يجذب الأقرب من المعدة فالأقرب والدهن إنما يخلل ما في الجلد خاصة وكانت الضرورة قاضية باجتماع عفونات في أمكنة لا يبلغها الدهن ولا الدواء وأن اجتماعها على تطاول المدد لابد وأن يحدث أمراضا ضارة جعل الحمام للتلطيف والتحليل لكل ما استعصى ومن ثم أمروا به غب الدواء وفيه تنشيط وتخفيف وكان البدن بعده كالذي بدأ في الوجود وإذا خفف أو ثقل لم يفسد كذا قرروه لكنه مع هذه المنافع غير خال عن ضرر لجاهل بالتدبير فان الدخول إليه على الخواء أعنى الجوع المفرط سواء أخذ مالم يمسك الرمق أم لم يأخذ شيئا يصدع بالأبخرة وهيجان الحرارة ويرعش بالتحليل واليبس العرضي وإسالة الخلط إلى المفاصل أو يوهن القوى جميعها إن لم يصادف ما يسيله فيضعف الشهوتين ويملا البطون بالاخلاط وأفهم هذا القول أن دخوله على الشبع أيضا مولد للرياح والسدد والتخم الكثيرة وكالشبع الاخلاط الغليظة وأصبر الناس على الحمام البلغميون فالسوداويون وأسرع الناس ضررا الصفراويون خصوصا على الجوع وزمن الحر وهذه المضار وإن ثبتت للحمام ممكنة التدارك وأقل من المنافع التي لا يمكن تحصيلها بسواه وقال ابن زهر: الحمام ضار موجب لتعفين الاخلاط وفسادها والتحليل وهو كلام لا ينبغي تضييع الزمان في رده فادخله إن شئت كمال نفعه وأمان ضرره مطلقا إذا كان القمر أو الشمس أو هما معا في أحد البروج المائية وهو أشد وأعظم لمن جاوز الثماني والعشرين من السنين كما أن الثاني أبلغ لمن دونها والأول لمن لم يجاوز السبع في الماء من الأبراج وهى السرطان والعقرب والحوت لان البروج منقسمة على الطبائع لكل واحد ثلاثة بشرط أن يكون النير الكائن في أحد هذه البروج بريئا من النحوس ويقدم عليه رياضة على القوانين بحسب المزاج والسن والبلد والفصل وليكن تدريجا بأن يمكث أولا في الأول حتى يألف الهواء الحار بالنسبة إلى الذي كان فيه ثم الثاني فإنه يشبه الأول بوجه ما ولا يدخل الثالث إلا عند إرادة الخروج فإنه مجفف قوى التحليل إلا في نحو مصر من البلاد التي ليس تحت حماماتها نار كذا قرروه ويمكن أن مثل هذه في البلاد الباردة تقابل بما ليس كذلك في غيرها فلا حاجة إلى الاستثناء وينبغي أن تكون أفعال الحمام مع اعتدال بلا إفراط إذ ما من حالة إلا وقد حفت بالخصلتين فان الدلك إذا أفرط هزل وأسال الاخلاط إلى أعماق البدن وإن قل سمن على غير اعتدال طبيعي كنحو الخراج وقليل الدهن يهيج الحرارة وكثيره يرخى وكذا نقع البدن في الابازير يعنى الحيضان وأجودها المغاطس المشهورة الآن فان قليله يهيج البخار ويفسد الدماغ فسادا عظيما إن لم يبادر إلى غمره بالماء أولا وكثيره يحلل ويورث الرعشة وحد كل فعل فيها أن يحس بإسقاط القوى وإلا فهو جيد وهذه الثلاثة هي العمدة فيها، قيل سئل الأستاذ عن الحمام فقال الدلك والدهن والانتقاع وقال الطبيب من دخل الحمام ولم يتغمز ولم ينتقع فقد جلب الضرر لنفسه قال بعض المفسرين يريد بالغمز الدلك فيكون كالأول وقيل التكبيس فيكون أمرا رابعا وقد يقال التغميز أعم والدلك لازمه وقدم الدلك لأنه أول ما يجب أن يعمل قبل التحليل وإن تأخر أفسد ولو قدم عليه الدهن لم تخرج الأوساخ وأتبع بالدهن ليصلح العضو وينعم البشرة ويحلل ما تحت الجلد بسريانه في المسام التي فتحها الدلك ولأنه لم يمكن الختم به لضرورة الاحتياج إلى التنظيف
(١٣١)