وهذا يقابله تعصب مماثل ضد ما نراه لدى الأطراف الأخرى.
ومن المهم أن أؤكد هنا أني لا أعني مفهوما بالذات، أو طائفة من المسلمين دون غيرها، ولا فردا دون آخر، بل أريد تلك الظاهرة التي أضحت (مرضا) نفسيا أرسى جذوره في أعماقنا، أفرادا وجماعات، حتى أصبحت معظم التقاليد التي نسبت إلى المذهب، وألصقت به وهي ليست منه، حاكمة حتى على النص الشرعي الثابت لدينا.
فرحنا نلجأ إلى تحوير كل نص لا ينسجم مع هذا التقليد، أو ذلك الرأي وصياغته بحسب قوالب صنعناها نحن بأيدينا، وإن كانت لا تمت إلى الدين بصلة، ولكنها ارتقت في أذهاننا إلى مستوى الشعائر المقدسة، فأصبح مجرد الإشارة إليها أمرا يثير المشاعر، ويؤجج فينا نار الغضب.
ولهذا نجد أن علماء المذهب نفسه لا يجرأون على استنكارها، أو وعظ أصحابهم بتخفيف شدة تمسكهم بها، ولو تجرأ أحدهم على شئ من ذلك، لنبذه أتباعه في الحال، ولأصبح بينهم عرضة لألوان الشتائم والمطاعن، وربما بلغ الأمر إلى رميه بالزندقة والنفاق، ولو كان أتقى الأتقياء!
ولنتذكر مرة أخرى أن من الخطورة بدرجة أن يميل كل منا للاستفادة من هذه الإشارات في توجيه التهم إلى الآخرين، على أنها من مزاياهم وحدهم فإن هذا الأسلوب هو تجسيد كامل للعصبية، كما أنه سوف يبقي على كل معايبنا وأخطائنا، ثم يعود بنا إلى عمق مصيبتنا.
إنما المطلوب منا أن نفتش عن تلك الظواهر في أنفسنا نحن لننتزعها من قلوبنا وعواطفنا، ونتخلص من آثارها.
فلو امتلكنا مثل هذه الروحية، لاقتلعنا كل جذور الخلاف، واكتسحنا كل الآثار السلبية المترتبة عليه.
والآن، لعلي أصبحت قادرا على أن أطرح على نفسي السؤال الآتي: