وأمثال هذا كثير، فلقد كان بين أن ملك معاوية فسن هذه " السنة " سنة (40) للهجرة، وبين أن ولي عمر بن عبد العزيز سنة (99) فمنع منها ستين عاما، فكيف لا تدين بها أمة ما زالت تتلقاها من أفواه أمرائها وخطبائها ستين عاما؟
وكان ذلك واحدا من القرون الثلاثة التي ذكرت في الحديث، أنها خير القرون. فما الذي أريد من تلك القرون؟ أم أي يوم يعظمون؟
أيوم قتل فيه أمير المؤمنين وسيد الوصيين وقائد الغر المحجلين، أخو رسول رب العالمين، لينزو بنو أمية على منابر المسلمين؟
أم يوم فتنة الجمل، وعشرات الآلاف من القتلى، كلهم من أهل تلك القرون، بين صحابي وتابعي؟ وليس بخفي ما يعقب القتل من ترميل النساء، وإيتام الأطفال، والشدائد والضياع.
أم يوم فتنة الدار، ومقتل الخليفة عثمان بن عفان؟
أم يوم أغير على آل رسول الله بعيد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم؟
أذلك القرن يريدون، أم قرنا قتل فيه أبناء المصطفى و فيهم سبطه وريحانته، سيد شباب أهل الجنة، وسبيت بنات الزهراء: زينب، و أم كلثوم، ومن معهن من نساء أهل البيت، وآل أبي طالب، حتى لم يبق بيت له برسول الله صلة إلا وضجت فيه النوائح، وسكنته الأحزان والآلام؟!
أم قرنا أبيحت فيه مدينة رسول الله المنورة في وقعة الحرة الشهيرة، فقتل الأصحاب والتابعون، ونهبت الأموال، وبقرت بطون الحوامل، وهتكت الأعراض حتى ولدت الأبكار لا يعرف من أولدهن (1)؟!