بل يندفع من الداخل لأن يكون متفوقا، ويهرب من أي نوع من أنواع التراجع، حتى لو كان تراجعا أمام الحق، وأمام الحكم الشرعي وهو لأجل إرضاء هذه الرغبة، يطرح في المقابل آراء وحججا ليقتنع بها ويجعلها في النهاية سدا منيعا دون الدخول في أية محاولة للمناقشة الجادة، والحوار والمتابعة.
وعندما تكون تلك الهواجس متفوقة لديه جدا، فإنه سيكتسب قناعات شديدة بكل ما من شأنه قطع السبيل إلى ميادين التفكير الحر، ويجعل أي شئ من هذا القبيل بمثابة الأمر المحرم، الذي يجب إنكاره كليا.
ثم كيف نفسر وجود هذه العقد النفسية المتراكمة فينا تراكما جعل أحدنا يرى أن مجرد اقترابه من الآخر يعد مستوى من مستويات الهزيمة، أو الضعف العقائدي، أو أنه مجاملة على حساب المبادئ!
ومن منا ينكر ظاهرة الانكماش النفسي المفاجئ، والنفور غير الإرادي التي فرضت نفسها حتى على الكثير ممن جاء ليعالج هذا الداء العضال، ويرسم حدود هذه المشكلة المستعصية في الأمة؟
فحتى الكثير من هؤلاء ينزلق من حيث لا يشعر، فيمارس مرة أخرى تجسيد تلك الروحية، وتعميق تلك الحواجز النفسية التي سيكون لها هنا آثار أكثر سلبية حتى من تلك البحوث التي تكرس أصلا لتعميق الخلاف، وإحياء الروح الطائفية، وذلك لأنها ستوحي للقارئ بأن هذه الظاهرة هي بمستوى الحقيقة التي تأصلت في النفوس، وأصبحت جزءا لا يتجزأ من عقائدنا وعواطفنا، وعند هذا يصبح مجرد مناقشتها أمرا مخالفا للطبع، وليس له موضع بيننا على الاطلاق.
ومن أبرز الأمثلة على هذا النمط، ما نجده عند بعض من كتب في الدفاع عن الوحدة الإسلامية، متحمسا ضد الطائفية ومروجيها، ثم إذا أراد