ما الذي يحملني على الإعتقاد - إلى حد التسليم - بأن مذهبي الذي ورثته عن آبائي ومجتمعي الصغير هو الحق الأوحد والأمثل، وأنه الصورة الأكثر كمالا للدين الإسلامي الحنيف، بحيث لا يشاركه مذهب آخر في حظه هذا من الكمال؟
ما الذي حملني على هذا الإعتقاد، أهو القرآن الكريم؟ أم السنة المطهرة أم العقل السليم؟
أم هي العصبية التي لا تستند إلى شئ؟!
ولماذا لا يمكنني أن أعتقد بأن المذاهب الأخرى هي مثل مذهبي على الأقل؟
ومن يدري! فلعلها تكون جميعا أكثر سلامة وكمالا مما تعلمته أنا!
وما العجب من هذا الافتراض، أليس هكذا يعتقد أبناء المذاهب الأخرى؟
إذن، ما الذي يمنعني من أن أكون أبعد نظرا، لأتقبل فكرة: أن المذاهب الأخرى هي أيضا تحتمل الصحة، على الأقل؟
ثم، ألست مسؤولا غدا عن سبب اعتقادي، وتبعيتي الدينية؟
وهذا هو السؤال الخطير الذي يجب أن أقف عنده موقف الجد..
سيبرز هنا سؤال آخر، وهو: ألا تقودني هذه الفكرة إلى الطائفية مرة أخرى؟
أعني أنني عندما أدخل طريق الدرس والمتابعة، فإن دراستي ستقودني حتما إلى قناعة ما، وعلى أساس هذه القناعة سوف أنتخب المذهب عن وعي وإدراك هذه المرة، كما تقتضي المسؤولية الشرعية، وأصول الدراسة العلمية، أفلا يفهم من هذا أنني سوف أطعن بالمذاهب الأخرى، وسوف أصرح بالفعل وإن لم أصرح بالقول، بأن المذهب الذي انتخبته هو الأكثر كمالا ودقة وعمقا؟
نعم، قد تكون هذه الطريقة مصدرا للإثارة، ولكن إلى أي شئ تعود تلك