أي غضب سيغضب له وقد عقدوا البيعة فيما بينهم وتركوه منشغلا بتجهيز جثمانه الطاهر؟ ويوم أحاطوا بيته، وهجموا عليه في داره! فأخرجوه منها بالعنف، وهو يقول: " أنا عبد الله، وأخو رسوله ".
وحين يهددونه بالقتل، أو يبايع لهم!
فيقول: " إذن تقتلون عبد الله وأخا رسوله ".
فيقولون: أما أخو رسول الله فلا!
وكم سيغضب لغضب بضعته فاطمة الزهراء البتول مرة بعد أخرى، حتى ماتت وهي غضبى على رجال! وفاطمة التي يغضب الله لغضبها، ويتأذى رسول الله لأذاها؟
كم سيغضب لتظاهر بعد تظاهر على أهل بيته، وخاصته، حتى قال علي عليه السلام يوم الشورى - وقد انتهت بالبيعة لعثمان بالخلافة - قال: " ليس هذا أول يوم تظاهرتم فيه علينا (فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون) (1)؟
ولقد كان التظاهر عليه متتابعا..
فيوم السقيفة مشهور، وقد تمت فيه البيعة - بغيابه - لأبي بكر، فقام بعدها أبو بكر خطيبا في مسجد رسول الله، معرفا بسيرته فقال قولا لو نسب لغيره لقيل إنه لا يصلح أن يقوم على شئ من أمور المسلمين، إذ قال:
" ألا وإن لي شيطانا يعتريني، فإذا أتاني فاجتنبوني لا أؤثر في أشعاركم وأبشاركم! " (2).