ومع تلك المواعظ ونظائرها، نقول: سبحان الذي قضى ألا يدع الأمور تجري عبثا، حتى يبين للناس حكمه فيها ﴿لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما﴾ (1).
لا بد من جواب:
لعل أول القضايا كلها هي قضية الإمامة، وقضية الإمامة تواجهنا بسؤالين أساسيين لا بد من إيجاد الجواب الصحيح عنهما، وهما:
1 - هل ترك الله جل جلاله أمر خاتم الأديان مبهما بعد نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، وهل ترك أمر عباده إلى يوم الدين هكذا بخلاف سائر الأمم قبل الإسلام، إذ كان يخلف كل نبي عدد من الأوصياء؟!
أم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ترك هذه الأمة تحتار في أمرها من بعده، فلا تجد منه عهدا تحتكم إليه، ولا قولا تتمسك به، ولا ركنا تتكئ عليه، فتعود أمة تموج وتضطرب، تتقاذفها الآراء، والاجتهادات والأهواء، وكأن سيد المرسلين لم يبعث فيها، وكأن خاتمة رسالات السماء لم تتم بعد؟!
أم يصح أن يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للمسلمين: " من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية " وهو لم يعين لهم من يبايعون؟
أو يقول: " من مات ولم يعرف إمام زمانه - وليس عليه إمام - مات ميتة جاهلية " وهو لم يرشدهم إلى الأئمة الحق الذين وجب اتباعهم؟
هل يصح أن يكون المراد بهذا مجرد البيعة، وإن كانت لأهل البدع والأهواء، أو لكل من تغلب بالسيف، وإن أقام الباطل وقهر أهل العدل والصلاح؟