ومواقفهم وحتى تلك التي أدت إلى إثارة الحروب، وسفك الدماء، لأن كل أطرافها كانوا على الحق!
ألا يعني هذا أن من حقنا اليوم، وفي كل عصر، أن نجدد تلك النزاعات، وأن يقتل بعضنا بعضا، ولا بأس علينا، لأن كل طرف منا قد تمسك بما نقل إليه عن بعض رجال السلف؟
وفي أحسن الأحوال، فإننا سنبقي على تلك الخلافات، وعلى جذورها حية فينا ما حيينا، وليس هذا مجرد فرض نفترضه، أو دعوى ندعيها، بل هو الواقع الحاصل في هذه الأمة.
فهل تمدد الخلاف فينا، وتوالت الانقسامات، إلا بسبب التمسك بتلك الفكرة التي جعلت من نقاط الخلاف القديم محاور لتجمعنا، وعناوين لانقساماتنا؟
وما زال الكثير منا يدافع عن ذلك المبدأ، معتقدا بأن الدفاع عن الجميع هو السبيل الوحيد لتحقيق التقارب بين المسلمين!
وإنه لأمر غريب حقا، فمتى كان التمسك بأسباب الانشقاق هو الشرط الذي يضمن تحقيق الانسجام؟!
ولنتذكر ثانية أن هذا هو واحد من إيحاءات (الخوف من الهزيمة) الذي نعاني منه، وإلا أفلا يكون من دواعي الاستغراب أن تضيق صدورنا عن تتبع النص الإسلامي الشرعي، والتمسك به؟!
ذلك ونحن نعتقد جميعا إن مسؤوليتنا تتلخص في حفظ هذا الدين الحنيف كما أراده الله ورسوله، بالتزام الموقف الحق الثابت الذي لا غبار عليه، وحمايته سواء وافق ميول الأشخاص، أو خالفها!
هكذا يتبين إذن أنه لا يجوز استغلال شعار " الوحدة الإسلامية " للتخلي عن مسؤوليتنا الشرعية في التفكير الحر، وانتخاب الموقف عن وعي وبصيرة.