ذلك هو حجم الاضطراب والتناقض في تلك الروايات.
ولعله هو السبب الأساس وراء عدم اتفاقهم على شئ منها، بل عدم اعتماد أحدهم واحدة منها.
كما يعد ثاني سببين - أولهما: العلم بأن الآية من آخر ما نزل من القرآن - كانا وراء تعريج ابن كثير، والطبري، وآخرين على حجة الوداع، وخطبته صلى الله عليه وآله وسلم هناك، ومطابقتهم نص الآية مع ما جاء على لسانه الشريف في مواقفه هناك، بقوله: " هل بلغت، اللهم اشهد ".
لكنهم يقفون عند مجرد التعريج، دون أن يشير أحدهم إلى نزولها في هذا التاريخ.
هذا ولما نتعرض بعد لما أورده الرازي في هذا المقام، فقد ذكر عشرة وجوه في سبب نزول هذه الآية، من بينها بعض ما سبق الكلام فيه، ومنها ما ينفرد به وحده، وقد تناول البغوي في تفسيره (1) نصفها، وأعرض عن نصف، وتلك الوجوه هي بالترتيب كما يلي:
الأول: أنها نزلت في قصة الرجم والقصاص، على ما تقدم في قصة اليهود.
وقصة الرجم هذه قد تقدم كلامه فيها في نفس السورة (2)، وخلاصتها أن رجلا وامرأة زنيا، فأتى بهما قومهما إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليحكم فيهما، ولو تتبعتها لا تجد فيها على الاطلاق ما يشير إلى احتمال نزول هذه الآية هناك، ولن تجد ما يشير إلى ما يمكن اعتباره مبررا لوجود مثل هذا الاحتمال!
ولم يرد في ذلك خبر يعتمد.