وإن حصل ذلك، فأين أهل العلم بالقرآن، ونزوله، وناسخه، ومنسوخه، ومحكمه، ومتشابهه، ومكيه، ومدنيه؟
نعم إن هناك رواية واحدة تقول: إنها كانت غزوة ذات الرقاع. ولا تخلو هذه أيضا مما يثير الاستغراب، إذ يتسلل المشرك مجردا من السلاح إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو يأمل بكل ثقة أن يأخذ منه سيفه بمجرد أن يقول له: أعطني سيفك أشيمه!
فهل كان الرجل مجنونا؟ لم تشر الرواية إلى شئ من ذلك!
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أذكى من ذلك وأكثر حذرا.
دع عنك كل هذا، ولنقل بأنها هي غزوة الرقاع، وإنما اختلفت الروايات في تفصيل الحادثة، وهذا جائز، فتعال معي إذن أخبرك بغزوة الرقاع متى وقعت.
وقعت هذه الغزوة في السنة الرابعة من الهجرة المباركة على مهاجرها المختار، وآله الأطهار أفضل صلاة وأتم سلام. وبالتحديد الدقيق، وقعت غزوة الرقاع في الشهر السابع والأربعين من الهجرة المباركة (1). أي إنه كان يفصلها عن وفاته صلى الله عليه وآله وسلم قرابة سبع سنين، فهل يتفق هذا مع قول ابن كثير في هذه الآية: بل هي من آخر ما نزل؟
علما أن قوله الأخير هذا هو الموافق لما هو مشهور جدا بين المسلمين من كون سورة المائدة هي آخر ما نزل من القرآن، ما خلا سورة النصر، وآية أو آيتين، سيأتي ذكرها إن شاء الله.
وبغض النظر عن هذا فهي لا تصمد أمام الأسئلة المتقدمة، وقد مرت روايات تنقضها أيضا.