للنبي عليه السلام كيلا يخاف، ولا يحذر، كما روي في الخبر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما دخل المدينة، قال اليهود: يا محمد، إنا ذوو عدد وبأس، فإن لم ترجع قتلناك، وإن رجعت ذودناك (1)، وأكرمناك.
فكان عليه السلام يحرسه مائة من المهاجرين والأنصار، يبيتون عنده، ويخرجون معه، خوفا من اليهود.
فلما نزل قوله تعالى: (والله يعصمك من الناس) علم أن الله يحفظه من كيد اليهود وغيرهم، فقال للمهاجرين والأنصار: " انصرفوا إلى رحالكم، فإن الله قد عصمني من اليهود ".
والآن، نرجو أن نجد - من بين كل ما تقدم - جوابا لكل واحد من هذه الأسئلة:
1 - الرواية الأخيرة تشير إلى بداية العهد المدني، وبهذا تتفق مع ما روي عن أم المؤمنين عائشة، ولكن الذي جاء عنها، وفي كل الروايات التي أسندت إليها، أنه كان يحرسه رجل واحد، ورد في بعضها أنه سعد بن أبي وقاص، وفي بعضها غيره، أما روايتنا الأخيرة ففيها مائة من المهاجرين والأنصار، يبيتون عنده، ويخرجون معه! فأيها نختار؟
نعم ربما وجدنا مخرجا لهذا فنقول: إنه كان يحرسه مائة بادئ الأمر، فلما تزوج من السيدة عائشة استغنى عن تسع وتسعين منهم، واكتفى بحارس واحد!
ولكن حتى هذا لا تقبله الرواية الأخيرة، فهي تشير إلى بقائهم على حالهم من الحراسة حتى نزول الآية، بدليل قوله في آخرها: فلما نزلت الآية، قال للمهاجرين والأنصار: " انصرفوا إلى رحالكم " فهو حديث مع جماعة، وهم في حالة الحراسة، وإلا لماذا قال: " انصرفوا إلى رحالكم "؟