تجوز صلاة المسلم بغير الصلاة عليهم!! وأنهم والسيدة الزهراء هم أهل بيت النبوة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، واكتشفت تلك الجموع أنها قد سارت طويلا بالخط المعاكس للطريق الإلهي. وشعرت تلك الجموع بالندامة لأنها خذلت عليا وحسنا وحسينا، وسمت الحسن، وقتلت الحسين وهما ابنا رسول الله ومزقت آل محمد في كربلاء، أو على الأقل لأنهم قتلوا أمامها دون أن تنصرهم أو تحرك ساكنا.
وهذا انقلاب حقيقي وثورة فعلية تحدث في نفسية تلك الجموع التي استجابت لمعاوية، وخلفاء بني أمية، ولعنت الإمام علي في العشي والأبكار، وتعبدت بكرهه وكراهية أهل بيت النبوة طمعا بدنيا معاوية وشيعته!!!
(ولم يجد العلماء صعوبة تذكر بكتابة ورواية الأحاديث التي احتضنتها دولة الخلافة، والتي كانت منسجمة مع توجهات تلك الدولة، ومع تاريخها السياسي، لأن تلك الأحاديث كانت مروية ومكتوبة بالفعل، وجاهزة، وكانت تشكل المناهج التربوية والتعليمية لدولة الخلافة، حيث كان تعلمها مفروضا على الخاصة والعامة، فنقلها العلماء كما هي، مسلمين بصحتها سندا لكثرة تداولها بين الناس، ولأنها جزء لا يتجزأ من وثائق الدولة الرسمية التي عمل بها المجتمع، بل والأعظم من ذلك أنها قد صارت أحد مقاييس الصحة لما يروى من الحديث، فإذا تعارض حديث مع الأحاديث التي تبنتها الدولة، فهذا الحديث موضع شك!!!
والمخرج يكمن بتضعيف رواته، أو أحد رواته أو تكذيبهم، أو تكذيب بعضهم، بمعنى أن المناهج التربوية والتعليمية لدولة الخلافة كانت بمثابة رقيب ضمني على ما يروى من أحاديث الرسول، فأي حديث يتفق مع هذه المناهج فهو صحيح وما يعارضها فهو موضع شك، ومع هذا لم تكن هنالك موانع فعلية من رواية أي حديث، وهذا بحد ذاته إنجاز، بل وثورة فعلية كبرى أطل من أبوابها ونوافذها الرأي الآخر مدعوما بالسند الشرعي، وهذا ما كان ممنوعا طوال التاريخ.
والخلاصة أن علماء دولة الخلافة لم يتوقفوا أبدا عن تقييد كل ما ذكر بأنه قد صدر عن الرسول، فكانوا يروونه، ويقيسونه بموازينهم العلمية التي أوجدوها خصيصا لهذه الغاية، ويخرجونه للناس ويكتبونه بصحاحهم أو مسانيدهم، أو.