وأوجدوا ضوابط علمية لعمليتي كتابة ورواية سنة الرسول من قول، أو فعل، أو تقرير، وبذلوا جهودا مضنية للوقوف على كل ما قاله رسول الله بالفعل في كل أمر من الأمور، وفي أي شخص من الأشخاص، أو أية جماعة من الجماعات، حتى أنهم رووا الأحاديث المتعلقة بعلي بن أبي طالب، وأهل بيت النبوة الذين صبت عليهم دولة الخلافة كل غضبها ونقمتها وقوتها!! فرويت الأحاديث التي تتحدث عن مكانة علي، وقربه من النبي، وجهاده المميز وسجله الحافل بالأمجاد، ورويت أحاديث تتحدث عن مكانة أهل بيت النبوة، وآل محمد وتميزهم عن غيرهم من المسلمين، والتي تبرز دور آل محمد بالدفاع عن دعوة الإسلام، وإقامة دولته الأولى، ومعاناتهم الكبرى، باحتضان النبي، والدفاع عنه، والجهاد بين يديه!! وأبعد من ذلك أن علماء دولة الخلافة قد رووا أحاديثا عن رسول الله عن عداوة أبي سفيان وبنيه خاصة، والبطن الأموي عامة لله ورسوله، وعن قيادتهم لجبهة الشرك طوال فترة ال 15 سنة التي سبقت الهجرة، وأنهم حاربوا الإسلام ونبيه طوال مدة الثماني سنوات التي تلت الهجرة، وأنهم قد استعدوا العرب واليهود على رسول الله، وأعظم من ذلك، فقد روى العلماء أحاديثا عن رسول الله، بأن الحكم بن العاص وذريته هم أعداء الله ورسوله، وأن الله قد لعنهم على لسان نبيه، ومع هذا آلت خلافة الرسول لذرية الحكم، في الوقت الذي كانت فيه ذرية النبي وآل النبي يتعرضون للتقتيل والتشريد والتطريد!!! بعد أن فرضت الدولة على العامة والخاصة لعنهم.
وروى علماء دولة الخلافة أحاديث عن رسول الله تبين مكانة فاطمة الزهراء، وابنيها الحسن والحسين، عند رسول الله، وقرابتهم القريبة، ومنزلتهم الرفيعة في قلبه الشريف. لقد أذهلت تلك المرويات العامة والخاصة من المسلمين، وربطوها بالمحن والمآسي والآلام التي تجرعها أهل بيت النبوة مجتمعين ومنفردين!!!
وبدأت قلوب المسلمين تتعاطف مع أهل البيت، وتتيقن أن خللا كبيرا قد حدث، وأن لأهل بيت النبوة قضية عادلة لم تلق أبدا آذانا صاغية طوال التاريخ!!
وفجأة قررت جموع دولة الخلافة أن تعتبر عليا بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين، وأن تعترف به وبابنيه الحسن والحسين، كعمداء لآل محمد الذين لا.