تجمع الصحابة في اجتماع عام ويناشد قائلا: (نشدت الله امرءا مسلما سمع رسول الله في المكان الفلاني قد قال كذا أن يقوم... فيقوم العشرة والعشرون، ليشهدوا على أن الرسول قد قال كذا بالفعل، وكان يصدف أن بعض شانئي أهل بيت النبوة الذين سمعوا رسول الله لا يقومون، وإمعانا بإقامة الحجة عليهم يسألهم الإمام عن سبب عدم قيامهم مع أنه يعرف أنهم قد سمعوا الرسول وهو يقول...
فيدعون النسيان، ويصدف أن يدعوا الإمام على بعضهم، ويستجيب الله لدعوة الإمام، ويحمل السامع المنكر علامة تشهد بكذبه كما حدث يوم الرجعة ولقد استطاع الإمام علي خلال مدة حكمه أن يكشف للناس ما جهدت السلطة بإخفائه، طوال السنين التي تلت موت النبي الأعظم خاصة الأحاديث المتعلقة بمنصب القيادة من بعد النبي، وبمكانة أهل بيت النبوة، وفضائلهم. وجاء معاوية فسن ما يمكن أن نسميه بحرب الفضائل، فسخر كافة موارد الدولة وإمكانياتها للحط من مكانة أهل بيت النبوة، وللتشكيك بكل ما نشره علي بن أبي طالب وأولياءه عن منصب القيادة من بعد النبي، وللتنكر لكل الفضائل التي قالها رسول الله عن أهل بيته، ولخلط الأوراق خلطا عجيبا أمر معاوية كافة ولاته وعماله أن لا يدعوا فضيلة يرويها أحد من المسلمين في علي وأهل بيت النبوة إلا وجاءوا بمثلها لأحد من الصحابة، فسالت سيول الفضائل، وانفتحت الأرض عن عشرات الآلاف من الرواة، فرووا عشرات الألوف من الفضائل ونسبوها للرسول، ثم أمرت الدولة بتدريس هذه المرويات في المدارس والمعاهد والجامعات، وفرضت دراستها على العامة والخاصة، فنشأ جيل يعتقد بصحة هذه المرويات، ثم انتقلت هذه المرويات من جيل إلى جيل واقتصر اهتمام المسلمين عليها، وبقي الحظر والمنع على رواية وكتابة أحاديث الرسول ساريا على ما سواها، وإمعانا بإرغام أنوف أهل بيت النبوة ومن والاهم أمر معاوية كافة رعاياه أن يلعنوا عليا بن أبي طالب وأهل بيته كما تلعن الشياطين، وأن لا يجيزوا لأحد ممن يحبهم شهادة، وأن يقطعوا عطاءهم ويهدموا دور الذين يوالونهم. (راجع كتاب الأحداث للمدائني، وقول ابن نفطويه في شرح النهج لابن أبي الحديد ج 3 ص 595 تحقيق حسن تميم).
ولما تولى الخليفة الأموي الفاضل عمر بن عبد العزيز الخلافة أدرك خطورة.