وكما اختلفت العقائد والديانات، بحجم ومدى عملية الإنقاذ، اختلفت أيضا في تحديد من هو المهدي بالفعل؟ وأين يظهر؟ ومتى يكون زمن ظهوره؟
ويكمن سر هذا الاختلاف في أن هذه التساؤلات من تفاصيل الفكرة الرئيسة، وأن هذه التفاصيل قد خضعت للزيادة والنقصان وللاجتهاد لدى الأغلبية من أتباع الملل الأخرى، وبالتالي تعدد منابع ومراجع المعلومات التي بنيت تلك التفاصيل على أساسها، أو لعدم وثوق بعضها. فقد اكتفت الديانة اليهودية، أو ما وصل إلى علمنا منها على الأقل، بتأكيد الفكرة الرئيسة، والإشارة العامة إلى أصول المهدي، وأنه من نسل إسماعيل، وأنه أحد اثني عشر عظيما، وأشارت أيضا إلى الظروف والمخاطر التي أحاطت بولادة هذا المنقذ العظيم، وصرحت بأن الله تعالى قد غيب هذا المنقذ ليحفظه، ثم يظهر في اللحظة المناسبة، وبالرغم من إجمال تلك المعلومات، إلا أنها على جانب كبير من الأهمية، كما سنرى. أما الديانة المسيحية فقد أشارت إلى عهد الظهور، وأبرزت من هذا العهد ظهور السيد المسيح، فركزت عليه تركيزا خاصا، وأهملت ما سواه.
أما الديانة الإسلامية، وهي أحدث وآخر الديانات السماوية، فقد غطت نظرية ظهور المهدي تغطية كاملة، فعلى الرغم من المحنة التي تعرض لها الحديث النبوي، حيث منعت كتابته وروايته مدة طويلة من الزمن، إلا أن ما وصلنا من الأحاديث النبوية قد وصف المهدي وصفا دقيقا، وحدد علامات ظهوره تحديدا واضحا، ووصفت مهمته موضوعيا كما سنرى.
وهذا الاختلاف بين العقائد والأديان على التفاصيل بعد الاتفاق على الفكرة الرئيسة أفرز نماذج وأشكالا متعددة، للاعتقاد بالمهدي المنتظر، أو المنقذ الأعظم، وسنستعرضها بما أمكن من الإيجاز طمعا باستكمال دائرة البحث.
أشكال هذا الاعتقاد 1 - عند اتباع الملل الأخرى (غير السماوية) لقد اعتقد الزرادشتيون بفكرة الظهور، واعتقدوا أن المنقذ الذي سيظهر هو بهرام شاه. واعتقد المجوس بعودة أرشيدو، واعتقد البوذيون بعودة بوذا، واعتقد.