الأمة وأعلمهم بإقرار كافة الخلفاء، ولأنه قارئ كبير في أمة أمية يندر فيها القارئ، ولأنه باب مدينة العلم. فقد أملى عليه رسول الله الحكم الشرعي لكل شئ، وكلف النبي عليا أن يجمع ذلك في كتاب ليكون مرجعا، للأمة في بيان القرآن بعد وفاة النبي، وكلف النبي عليا أن يحتفظ بهذا الكتاب، وأن يسلمه لأولاده الأئمة ليتوارثوه حسب ترتيب خاص، ويبينونه للأمة بعد وفاة النبي، ويحكمون بموجبه إن سلمت الأمة بحقوقهم، فتكون علوم هذا الكتاب من الأدلة المادية لمرجعيتهم ولحقهم بالقيادة والبيان من بعد النبي. ثم إن سادة أهل بيت النبوة كانوا يقيمون مع النبي في بيت واحد طوال حياة النبي المباركة، وكان النبي يزقهم بالعلم زقا، ويفيض عليهم من عجائب علمه ومن أخبار المستقبل البعيد، وكانت تلك المعارف بكل الموازين ثروة كبرى خصهم الله بها فمن غير المعقول أن لا يحفظوا تلك الثروة ويكتبوها!!! ليحتجوا بها القوم، ولينتفعوا بها، ويورثوها لذرياتهم تأكيدا للطهر والتميز، ثم إن العلوم التي أفاضها رسول الله على أهل بيته هي بيان للقرآن، ومن الضروري أن يحتفظ بها أهل بيت النبوة ليكون لديهم بيان القرآن، وليحملوا هذا البيان للإنسانية في كل زمن، إن هذا البيان هو علم النبوة، وقد كلف الله نبيه أن يورث الأئمة الأعلام من ذريته علمي النبوة والكتاب.
والخلاصة أنه لما قبض الله نبيه، كان أهل بيت النبوة قد وعوا علمي النبوة والكتاب بالتمام والكمال، ووثقوا من هذين العلمين كل ما يحتاج إلى توثيق، فما من سؤال على الإطلاق! إلا ويعرف عميد أهل البيت في زمانه جوابه، وما من أمر من أمور الدنيا والآخرة إلا ويعرف هذا العميد كلياته وتفاصيله الدقيقة، وحكم الشرع الحنيف فيه، وكل هذه المعارف موثقة ومعروفة عندهم ومعلومة علم اليقين.
أثناء مرض النبي الذي قبض منه، تجاهلت بطون قريش البيان النبوة تجاهلا كاملا، واستولت على السلطة، وحجمت أهل بيت النبوة بالقوة، وعتمت على كل فضائلهم وتنكرت لمقامهم ومكانتهم تنكرا تاما، وجردتهم من كافة حقوقهم، ثم أصدرت مراسيم منعت فيها رواية وكتابة أحاديث رسول الله، وقررت أن القرآن