مطالب بأن يبلغ رسالات ربه، وأن يبذل العناية الكافية بهداية قومه، وأن يثبت بأنه حقيقة نبي الله ورسوله، فإذا رفضت هذه الأمة أو تلك مضامين الرسالة الإلهية، فإن هذا الرسول أو ذاك غير مخول بجر الناس إلى الحق جرا، وإلزامهم بالاعتراف بمضامين الرسالة الإلهية قسرا، لأن الفئة القليلة المؤمنة التي آمنت به وصدقت بمضامين الرسالة الإلهية لا تقوى على مواجهة الأكثرية الساحقة الكافرة بتلك المضامين، والمواجهة بهذه الحالة لون من ألوان الانتحار، لأن نتائج المواجهة محسومة سلفا وفقا لموضوعية وقواعد عملية (الابتلاء الإلهي) التي يجب أن تجري في مناخ حيادي، حتى يخضع العمل للثواب أو العقاب!! وأمام عدم قدرة الفئة المؤمنة على المواجهة، ولأنه لا بد من عقاب الذين كذبوا رسولهم، وكفروا بمضامين رسالته، فقد ختمت أكثر الرسالة الإلهية بالعذاب النكر الذي صبه الله تعالى على الأكثرية الفاسدة التي آمنت بباطل أئمة الضلالة، وكفرت بالحق الذي جاءت به الرسالات الإلهية، فتصبح رسالة كل نبي سطر في تاريخ الهداية الإلهية، ومشعل يتألق نوره وسط عالم ملأه المجرمون بالظلمات.
مهمة الإمام المهدي المنتظر مختلفة اختلافا جوهريا إذا كان النبي، أي نبي مكلف إلهيا ببذل عناية بقوم وعلى رقعة محدودة من الأرض، فإن الإمام المهدي مكلف إلهيا بتحقيق غاية على مستوى الكرة الأرضية، وعلى مستوى العالم كله، وتحقيق غايات الإمام المهدي كاملة، وتنفيذ المهام المنوطة به من المحتومات الإلهية التي لا مفر من تحقيقها، لأن الله تعالى قد حتم ذلك، وكلف الإمام المنتظر بتحقيق كافة الغايات الإلهية التي حددها تعالى بنفسه، وأن ينفذ كافة المهام الإلهية التي وضعها الله تعالى بنفسه، ووعد الإمام المهدي بالدعم المطلق، والتأييد المطلق اللازمين لتحقيق الغايات الكبرى والأهداف العظمى، فلا بد أن يدخل سكان الكرة الأرضية في زمن المهدي بالإسلام، ولا بد من أن يكون المهدي دولته العالمية الشاملة لكل بقاع الأرض، ولا بد أيضا من أن تكون المنظومة الحقوقية الإلهية هي القانون النافذ على كل سكان الأرض، ولا بد من نشر العدالة المطلقة، وتحقيق الاكتفاء التام والرخاء المطلق لكل بني البشر،.