المجتمع الإسلامي أو العامة وهم الأكثرية تحولت إلى حارس ومدافع عن شرعية تحريم كتابة ورواية أحاديث الرسول.
ولما تحول الرأي العام، وأقبل علماء دولة الخلافة على كتابة ورواية أحاديث الرسول، ولم تعترض دولة الخلافة على هذا التحول وذلك الإقبال، تنفس أهل بيت النبوة الصعداء، فراقبوا عن كثب عمليتي رواية وكتابة الحديث، ورسموا لها الطريق الأقوم: (سأل رجل الإمام جعفر الصادق عن مسألة فأجابه، فقال الرجل: أرأيت إن كان كذا وكذا ما يكون القول)؟.
فقال جعفر: (مه ما أجبتك فيه من شئ فهو من رسول الله لسنا ممن رأيت في شئ، وقوله: (مهما أجبتك بشئ فهو من رسول الله لسنا نقول برأينا) وقال مرة: (لو أنا حدثنا برأينا ضللنا كما ضل من كان قبلنا، ولكن حدثنا ببينة من ربنا، بينها لنبيه، فبينها لنا) وكان يقول: (لو كنا نفتي الناس برأينا وهوانا لكنا من الهالكين، ولكنها آثار من رسول الله أصل علم نتوارثها كابرا عن كابر، نكتنزها كما يكتنز الناس ذهبهم وفضتهم). (راجع بصائر الدرجات ج 2 ص 29 و 301 وكتابنا الخطط السياسية ص 187 - 189). وقول الإمام جعفر هذا دعوة لمن أرادوا البحث عما صدر عن رسول الله ليرجعوا إلى أهل بيت النبوة، فهم وحدهم الذين يملكون مفاتيح البيان النبوي، وهي دعوة من الإمام للمعنيين برواية وكتابة أحاديث الرسول، للفصل التام بين آرائهم الشخصية وما قاله الرسول.
وبدأ أهل البيت يفيضون على الناس مما آتاهم الله من علمي النبوة والكتاب، وبالحدود التي تتقبلها وتتحملها نفسية العامة التي تربت تربية ثقافية مناهضة لأهل بيت النبوة وموالية لدولة الخلافة.
واصطدمت علوم أهل بيت النبوة مع الأحاديث التي تبنتها دولة الخلافة عبر تاريخها السياسي، وسمحت بكتابتها وروايتها، بل واعتبرتها جزءا من مناهجها التربوية والتعليمية، وبحكم العادة والتكرار آمنت العامة بحتمية صدورها عن رسول الله.
واصطدمت روايات أهل بيت النبوة بسيل من روايات الفضائل التي اشتراها معاوية وأولياؤه من الطامعين بدنياه، ثم عممها بقوة الدولة ونفوذها، وأجبر العامة.